أكد مدير المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرّف، الدكتور عباس القريشي، أنَّ ما يُعرف بـ«التطرّف الناعم» يُعدّ أخطر أنواع التطرّف المعاصر من حيث العنف والنتائج، لكونه يتخفّى خلف واجهات السياسة والأكاديمية والنخب الاجتماعية، محذّرًا من مخاطره العميقة على المجتمعات والدول.
جاء ذلك خلال مشاركته في برنامج «الكلمة العليا» الذي تبثّه قناة الرقيم، في حلقة حملت عنوان (الوجه الخفي للتطرّف المعاصر)، حيث قدّم قراءة تحليلية معمّقة لظاهرة التطرّف بوصفها ظاهرة قديمة متجدّدة، تتغيّر أدواتها وأقنعتها تبعًا للظروف والسياقات.
وأوضح القريشي أن التطرّف الناعم “يرتدي لباس الوداعة والاعتدال، ويتسلّل عبر الخطاب الأكاديمي والسياسي وخطاب النخبة”، مشيرًا إلى أن “خطورته تكمن في قدرته على خداع الرأي العام واستدراج المجتمعات تدريجيًا، على عكس التطرّف التقليدي الذي يعلن عن هويته الأيديولوجية بشكل صريح، ما يتيح الاستعداد لمواجهته”.
وأضاف: “أن هذا النمط من التطرّف يظهر غالبًا في مواسم الانتخابات، أو في فترات النزاعات بين الدول أو المكوّنات الاجتماعية، مستغلًا الخطاب السياسي والإعلامي”، ومؤكدًا أن «عدم وجود منطقة رمادية في هذا النوع من التطرّف يجعله أكثر تهديدًا، لأنه يعمل بصمت حتى يحقق أهدافه”.
وبيّن القريشي أن التطرّف الخفي “يوظّف النصوص الدينية توظيفًا انتقائيًا لخدمة أجنداته، ويقدّم نفسه بصورة الاعتدال وقبول الآخر، بينما يسعى في جوهره إلى صناعة أدوات بشرية تعمل لصالحه، مشددًا على أهمية دور المختصين والعلماء في كشف هذه الأساليب وتحذير المجتمع منها”.
وتطرّق إلى “خطورة الفضاء الرقمي ومنصّات التواصل الاجتماعي”، موضحًا أن “الخوارزميات الحديثة تتيح للمتطرّف الناعم الوصول إلى مساحات واسعة من الجمهور، وتجاوز الحدود الجغرافية، ما يستدعي وعيًا جماعيًا وسياسات فاعلة للحدّ من هذا الخطر المتنامي”.
وختم القريشي حديثه بتأكيد “ضرورة بناء وعي مجتمعي شامل، قادر على التمييز بين الخطاب المعتدل الحقيقي والخطاب المتطرّف الناعم، داعيًا إلى صناعة (أمّة واعية)قادرة على مواجهة هذا التحدّي الفكري والثقافي”.
وشهدت الحلقة مشاركة عدد من الشخصيات الدينية والفكرية، من بينهم الشيخ الدكتور محمد النوري، نائب رئيس مجلس علماء الرباط المحمدي المقدّس، والشيخ الدكتور أحمد شحات الأزهري، من علماء الأزهر الشريف في جمهورية مصر العربية.
لمشاهدة حلقة البرنامج كاملةً، يمكن الدخول إلى الرابط الآتي:
