بدعوة من المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف شارك رئيس المحكمة الاتحادية العليا العراقية السيد جاسم محمد العميري، الثلاثاء 24 أيلول 2024، في مؤتمر” المسؤولية الدولية تجاه الإبادة الجماعية”، الذي نظمه المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف في العتبة العباسية المطهرة بالتعاون مع أكاديمية (جيوبولتك) في العاصمة الفرنسية باريس، بمشاركة باحثين وأكاديميين من العراق وفرنسا، وألقى العميري وعبر دائرة إلكترونية بحثا حمل عنوان “دور الدستور العراقي في تعزيز السلام الاجتماعي”.
وشدد رئيس المحكمة الاتحادية في مقدمة بحثه على أهمية الاعتراف بالقيم الإنسانية لأعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية، باعتباره أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، مؤكدا أن الاعتداء على تلك القيم والحقوق، وعدم الاعتراف بها أدى إلى أعمال همجية عدوانية أثارت غضب الضمير الإنساني، مستعرضا تطور القوانين والمواثيق الدولية التي وضعت لمواجهة الجرائم ضد الإنسانية، ومنها عمليات الإبادة الجماعية، التي عرفها بأنها أيّ من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية، أو إثنية، أو عنصرية، أو دينية عن طريق قتل أعضاء من الجماعة، أو إلحاق أذى جسدي، أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، أو إخضاع الجماعة ـ عمداً ـ لظروف معيشية يراد بها تدميرها كلياً أو جزئياً، وفرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الأطفال داخل الجماعة، أو نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
مشددا على وجوب التزام الدول بتطبيق المعايير الأساسية والمبادئ التي يرتكز عليها القانون الدولي، وتطوير التعاون الدولي، لإيجاد استراتيجيات وقائية فعالة، واصفا ذلك بأنه جزء لا يتجزأ من الجهود الدولية لمنع تكرار ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في المستقبل، وضمان أن مرتكبي هذه الجرائم سوف يواجهون العدالة، وينالون جزاءهم العادل بدون استثناء، مؤكدا أن جريمة الإبادة الجماعية حكمها الشرعي مستمد من العرف الدولي، إذ لا يمكن أن يستدل عليه في النصوص المكتوبة كما هو الوضع في القوانين العقابية الداخلية، وتتميز كذلك بأنها جريمة عالمية العقاب، أي أن لكل الدول الحق في عقاب مرتكبها دون النظر إلى جنسيته، أو إلى مكان ارتكابه للجريمة.
وقال السيد جاسم محمد العميري: إن المحكمة الاتحادية العراقية العليا باعتبارها هيئة قضائية مستقلة مالياً وإدارياً، تسعى ومن خلال القرارات التي تتخذها، أن يكون البناء الديمقراطي في العراق بناءً صحيحاً من أجل الوصول إلى ديمقراطية الشعب، وليس ديمقراطية الحكام، وبناء مؤسسات دستورية بشكلها الصحيح، والحفاظ على الحقوق والحريات لعامة الشعب العراقي، ومنع السلطتين التشريعية والتنفيذية من التجاوز على تلك الحقوق والحريات من أجل تحقيق مبدأ سيادة القانون، ومبدأ التداول السلمي للسلطة، منطلقين في كل ذلك من مبدأ أساسي هو أن الشعب هو الذي يملك جميع السلطات، وأن الحكام يمارسون تلك السلطات نيابة عنه، وبالتالي لا يجوز استخدام حق الشعب في ظلم الشعب واستبداده.