الأسد مخاطبا جو بايدن: ” إذا كنتُ ضد صدام فسأقف الآن معه لأنني ضد الولايات المتحدة”

بقلم د. عباس القريشي
إبَّان حِراك الولايات المتحدة الأمريكية؛ لتغير نظام صدام حسين في العراق انطلق السيناتور وقتها “جو بايدن” مصطحبا معه “هيغل” بجولة إقليمية في المنطقة شملت تركيا، وشمال العراق “كردستان العراق”، والأراضي الفلسطينية المحتلة، والأردن، والسعودية، وسوريا، يحاولان استكشاف ردود أفعال الأنظمة السياسية، والجماهير الشعبية في المنطقة حول مخطط الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وما المخاطر التي ستواجهها؟، ولا ريب أن الآراء السياسية للأنظمة الحاكمة كانت تتسم بطابع الأغلبية تجاه تغير نظام البعث، والخلاص من أفعال صدام حسين غير المتزنة، وحاولوا تسويغ قبولهم بأن نظام البعث نظام يهدد أمن الدول المجاورة، بل دول المنطقة، واستمراره قد يؤدي إلى تغير الخريطة الجيوسياسية لها ، ولكن كان للنظام السوري وجهة نظر قلقة من التغيير وبالوقت نفسه لم يظهر معارضته للتغير.
وكان لـ (جو بايدن وهيغل)  حواراً طويلاً مع نظام الحكم في سوريا عام 2002م، علمنا ذلك من خلال الوثائق المسربة التي تضمنت  تلك الحوارات، والذي شدني ما تخوف منه “جو بايدن”  بعد أن لفت انتباهه بشار الأسد إلى ضرورة التفريق بين :- “عدم شعبية صدام، وتعاطف الناس مع صدام”، وبيَّن له قائلا “إذا كنتُ ضد صدام فسأقف الآن معه؛ لأنني ضد الولايات المتحدة”، والذي أراد من خلال كلماته هذه أن يبين أمرين مهمين أولهما: إن نظام البعث عمل على صناعة وإعداد الجماهير العربية المساندة له، ولنظامه عبر شرائه للإعلام العربي، ورموزه بملايين الدولارات، وتسويق خطاباته القومية الرنانة، وجعجعته، ومواقفه الخداعة تجاه القضية الفلسطينية. وثانيهما: إيصال رسالة مبطنة إليهم أن هناك مخططاً للتغيير يجب أن يكون حصريا بنظام البعث في العراق، ويكون عبر تطمينات من الولايات المتحدة الأمريكية لهم، وإلا سيصطف جميع من يخاف التغيير ضد المخطط.
وكانت إجابة “جو بايدن” تشرح وجهة نظر بلاده من شن حرب على العراق؛ معللا أنها تستند إلى تقارير أجهزة الاستخبارات في المنطقة، بأن الجنود الأميركيين وحلفاءهم سيُنظر إليهم كمحررين للعراق، وليس كغزاة له، وهذا شيء متوقع، وأسهم صدام حسين في سياسته الدكتاتورية ونظامه القمعي ضد الشعب العراقي، والجماهير في المنطقة عرفت ذلك جيدا. وأعرب بالوقت نفسه عن قلقه الشخصي من تحول الموقف إلى النقيض إذا استمر بقاء  قوات الولايات المتحدة الأميركية في العراق طويلاً بعد إسقاط النظام ، مسوغا ذلك بقوله “سيعتبر العراقيون تلك القوات غازية”، وأضاف ” إنه والسيناتور “هيغل” وآخرين كثيرين من أعضاء الكونغرس وفي الولايات المتحدة يعارضون احتلال العراق في حقبة ما بعد صدام؛ لأن ذلك سيؤدي إلى عواقب كارثية على المنطقة بأسرها، وعلى الولايات المتحدة”، على حد وصفه!، وفعلا حدث ما كان يقلقه، فالعراقيون وقفوا ضد الاحتلال، وعملوا جاهدين على إخراجهم من أرض العراق، وبوسائل شتى إلى أن تحرر من هيمنة الاحتلال بشكل رسمي.