أرشيف نظام صدام في مركز أبحاث سجلات الصراع يُتاح مرة أخرى
كاتب المقال: مايكل بريل
ترجمة: قيس ناصر
مايكل بريل، أُستاذ في جامعة برنستون، تتركز أبحاثه على العراق في حقبة نظام البعث، يُقدم في هذا المقال الذي نشره في موقع مركز ويلسون بتاريخ 27 شباط 2024م، تعريفاً بالأرشيف العراقي في مركز أبحاث سجلات الصراع (CRRC) (1)، مع التركيز على الوثائق التي قدمها ستيف كول (2) إلى مركز ويلسون (3)، وهي جزء من أرشيف نظام صدام الذي كان موجوداً في (CRRC). وهو مقال مهم، لمعرفة مصير بعض الأرشيف العراقي الخاص بنظام البعث في الولايات المتحدة الأميركية.
نص المقال:
أصبح مركز أبحاث سجلات الصراع (CRRC)، التابع إلى جامعة الدفاع الوطني في العاصمة واشنطن، للمدة من 2010م- 2015م، محتفظاً بأرشيف عراقي مهم من نسخ رقمية لنحو (143 ألف) صفحة من الوثائق وما يقارب (200 ساعة) مسجلة في أشرطة صوتية، وقد تمّ انتقاؤها بعد مراجعة قاعدة بيانات الوثائق السرية التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، وكانت القوات الأميركية قد استحوذت عليها في سنة 2003م، بعد سقوط نظام صدام حسين. يُذكر أنّ إجمالي عدد صفحات الوثائق العراقية في قاعدة بيانات الوثائق السرية تراوح بين( 100 -200 مليون صفحة)، وبما يقارب من (600 ألف) ملف وثائقي مختلف، فضلاً عن ذلك فإنّ هناك حوالي (2000 ساعة) من التسجيلات الصوتية لاجتماعات صدام مع حكومته، ومجلس قيادة الثورة، والقيادات القومية والقطرية لحزب البعث، والشخصيات الأجنبية الزائرة.
تمَّ إعادة النسخ الأصلية من ذلك الأرشيف إلى العراق في آيار 2013م، ولم يُعد لها أي وجود على الإطلاق- كنسخ أصلية- في مركز أبحاث سجلات الصراع، وقد احتواها ما يقارب (35504) صندوقاً وُضِعَت على (634) حمالة خشبية، وعلى الرغم من أن جزءاً صغيراً فقط من هذه الوثائق، تم تدقيقها ورقمنتها على نفقة دافعي الضرائب الأمريكيين، إلّا أنّه لم يتم نشرها للباحثين أو الجمهور المهتم، ومع ذلك، فإنّ أرشيف المركز كان أساسياً للعديد من منشورات باحثي مركز(CRRC) والباحثين الخارجيين على حد سواء. وقد أغلق المركز أبوابه في سنة 2015م بسبب تخفيضات الميزانية المخصصة له.
لقد كانت الوثائق التاريخية المهمة التي احتوى عليها المركز غير متاحة للبحث، لما يقارب عقد من الزمان (من 2015-2024م)، فضلاً عن ذلك، فإنَّه على الرغم من التأييد الضمني، والنداءات العامة لنقل أرشيف (CRRC) إلى مؤسسة أكاديمية مدنية، وهو الأمر الذي سمح به قانون إقرار الدفاع الوطني لسنة 2014م، إلّا أنّه لم يكن هناك تحرك يُذكر بشأن هذه القضية لسنوات عدة.
لقد بدأت الأمور تتغير في أواخر سنة 2021م حينما رفع الصحفي ستيف كول الحائز على جائزة بوليتزر دعوى قضائية ضد وزارة الدفاع الأميركية، وكان حينها بصدد دراسة الوثائق العراقية وتأليف كتابه “فخ أخيل: صدام حسين ووكالة المخابرات المركزية وجذور الغزو الأمريكي للعراق”، والذي نشرته دار بنجوين لاحقاً وصدر في 27 شباط 2024م، ومن أجل توخيه الدقة في تأليفه الكتاب كان لابّد له من الرجوع للوثائق، وخاصة العراقية منها، وكان من الضروري الوصول إلى الأشرطة الصوتية لاجتماعات صدام، إلى جانب أرشيف ديوان الرئاسة، والأجهزة الأمنية في للدولة العراقية في ذلك العهد. ولم تستجب وزارة الدفاع لطلب كول استناداً إلى قانون حرية المعلومات (FOIA) الذي شمل وثائق المركز بمنع التداول والإطلاع تحت مبرر الظروف الاستثنائية، ليرفع كول بعدها قضية في المحكمة ضد وزارة الدفاع الأمريكية، وقد مثلته لجنة الصحفيين من أجل حرية الصحافة.
لقد كان القاضي رودولف كونتريراس الذي رأس المحكمة يميل بشكل إيجابي إلى قضية كول، فضلاً عن ذلك، فإنَّ هناك من داخل مكتب وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات في إدارة بايدن، من كان يميل أيضاً إلى العمل مع كول لنشر الأرشيف العراقي في مركز أبحاث سجلات الصراع، وبعد عدة تمديدات وتقارير حالة قضائية، توصل الطرفان إلى تسوية خارج المحكمة، وقد زود مسؤولو الدفاع كول بمجموعة كبيرة من وثائق نظام صدام حسين الموجودة في المركز، بما في ذلك ما يقرب من نصف الأشرطة الصوتية التي تم إصدارها بعد تحرير محتواها من المسموع إلى المكتوب وآلاف الصفحات من الوثائق، وقد كانت السجلات مصحوبة بغلاف كبيانات وصفية، إلى جانب الترجمة الإنجليزية لها مثلما كانت عليه في (CRRC)، وأيضاً سُمحَ بالاطلاع على الكثير من نسخ الملفات باللغة العربية فضلاً عن ترجمة لها باللغة الإنجليزية.
بعد تقديم مخطوطة كتابه ومن أجل تسهيل إجراء الدراسات على الباحثين والجمهور، تواصل كول مع برنامج التاريخ والسياسة العامة في مركز ويلسون- وهو مركز مستقل-، ويضم أرشيفاً رقمياً بآلاف الصفحات من الوثائق السرية المترجمة عن عشرات اللغات، وكان مركز ويلسون بمثابة منصة مناسبة يمكن الوصول من خلالها إلى وثائق مركز أبحاث سجلات الصراع، فضلاً عن ذلك فإنّ الأرشيف الرقمي لمركز ويلسون قد احتوى أيضاً على ترجمة باللغة الإنجليزية لوثائق مختارة من (CRRC) التي تم إتاحتها في أثناء الفعاليات المشتركة التي أقيمت بالتعاون بين المركزين قبل الإغلاق، إذ إنّه خلال مُدة وجود مركز أبحاث سجلات الصراع القصيرة الأجل، فإن مركز ويلسون قد استضاف كبار الباحثين الذين استخدموا الوثائق العراقية في كتبهم مستفيدين من وثائق (CRRC).
لقد طُلب من الباحثين الذين زاروا (CRRC) للمدة من 2010-2015م الحصول على موافقة مجلس المراجعة المؤسسية (IRB) Institutional Review Board (4) والتوقيع على اتفاقية عدم الكشف عن معلومات التعريف الشخصية (PII) الخاصة بالمركز في إجراء تم فيه تنفيذ هذه السياسات لأول مرة. لقد تمّ إعادة جميع وثائق نظام البعث المادية التي استولت عليها القوات الأميركية خلال الحرب إلى العراق في آيار 2013م وآب 2020م. وتضمنت عملية الإرجاع في سنة 2020م، نسخة رقمية من كل وثيقة فضلاً عن النسخة الأصلية لها، على العكس من سنة 2013م، التي تم فيها إرجاع النسخة الأصلية فقط. على أية حال فإن ذلك مثل نسبة صغيرة جداً من إجمالي الوثائق، وعلى وفق المصير المجهول للوثائق الأصلية التي أعيدت إلى العراق في عامي 2013 و2020م، فضلاً عن العوائق السياسية والمؤسسية الموضوعة أمام البحث في العراق، فإن تسهيل الوصول إلى النسخ الرقمية من الوثائق العراقية المحفوظة في الولايات المتحدة الأميركية سيظل هو الطريقة الأكثر جدوى للدراسة والمتابعة البحثية أمام الباحثين العراقيين والأميركيين والدوليين على حد سواء.
واتساقاً مع بروتوكولات البحث المعتمدة سابقاً، قام برنامج التاريخ والسياسة العامة بمراجعة أرشيف (CRRC) الذي قدمه ستيف كول، وبيان المعلومات المتضمنة فيه بدقة وعناية، كذلك تم القيام بتحديد هوية الشخصيات من ذوي الرتب الكبيرة والصغيرة في جميع الوثائق والتسجيلات الصوتية العراقية سواءٌ أكانت الأصلية التي هي باللغة العربية أم ترجمتها الإنجليزية.
بشكل عام، فإن الوثائق السرية التي تم اختيارها في مركز أبحاث سجلات الصراع قد شملت سياسات واجتماعات كل من: القيادات العليا داخل حزب البعث العراقي، ديوان الرئاسة، وزارات الدولة، الأجهزة الأمنية، الجيش، وكان معظم المسؤولين العراقيين والأجانب الذين التقى بهم صدام هم شخصيات رسمية، وعلى الرغم من أن غالبية الأرشيف، وخاصة الأشرطة الصوتية، لا تتطلب سوى القليل من التنقيح، إلا أن مركز ويلسون قد بذل قصارى جهده لمحاكاة عمل مركز أبحاث سجلات الصراع السابق، حينما أصدر تسجيلات مختارة في ضمن موقعه على الإنترنت، والتي تمّ الاحتفاظ بها إلى اليوم في موقع متطابق معه. ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الجهود نتجت عن تداعيات حصلت في 2006م تعلقت بوثائق عن أسلحة الدار الشامل العراقية، نشرتها المخابرات الأميركية على شبكة الانترنت تحت ضغط سياسي، وكانت غير مفحوصة وغير مراجعة، ومع ذلك، لم تكن الضجة التي أعقبت نشر الوثائق تتعلق بمشاركة معلومات كشفت أسماء شخصيات عملت مع المخابرات بقدر ما كانت تتعلق بالكشف غير المقصود عن معلومات فنية عن برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية التي تم تفكيكها في أعقاب حرب الخليج في المدة من 1990-1991م.
ولابد من الإشارة إلى ضرورة توخي الدقة، لاسيما فيما يتعلق بالترجمة الإنجليزية للوثائق العراقية، وفي الوقت نفسه، من الضروري جداً، أنْ يتمَّ تشجيع الباحثين على الاستعانة بالوثائق بنسختها العربية، سواء أكانت وثائق مكتوبة أم ملفات صوتية، فحينما قامت بعثة المفتشين الدولية في العراق ومقرها الدوحة- قطر، بفرز ملايين الصفحات من الوثائق، واجه اللغويون المتعاقدون مع الوحدات العسكرية الأميركية الخاصة باكتشاف وتصنيف الوثائق العراقية طوفاناً لا يمكن التغلب عليه من الوثائق.
لقد تم تسلّم الوثائق مغطاة بأغلفة، وتم تصنيفها بحسب القيمة الاستخباراتية، وتم تقديم ملخص موجز عنها باللغة الإنجليزية. وعلى مدى سنوات، تمت رقمنة السجلات وتحميلها إلى قاعدة بيانات الوثائق السرية التابعة لوزارة الدفاع، يُذكر أن تلك الوثائق تَّم إضافتها إلى أرشيف CRRC، وحينما كلف البنتاغون باحثي معهد التحليلات الدفاعية (5) (IDA) بإنتاج عدة دراسات عملوا على اختيار وثائق سرية مرتبطة بالترجمة الإنجليزية الكاملة. وقد اشتغلوا على مدار الساعة، وبتمويل محدود وفريق مترجمين محدود العدد أيضاً لم يكافئ حجم الترجمات الكثيرة التي انتجوها وكانت محل إعجاب. وفي مقابل ذلك، فإن الترجمة دائماً وبطبيعتها علم غير دقيق، إذ سيواجه الباحثون أخطاءً في الترجمة، وتأريخاً غير دقيق للوثائق، واختلافات في الجودة من وثيقة إلى أخرى. ومن الجدير بالذكر أنّ العديد من المترجمين، على الرغم من كونهم لغويين ماهرين، لم يكونوا خبراء في موضوعات الوثائق والتسجيلات العراقية، وأحياناً، لا يتم الإشارة إلى الأفراد والأحداث بدقة عند نقلها إلى ورقة البيانات الوصفية لكل وثيقة في أثناء ترجمتها إلى الانجليزية. لكن في البداية على الأقل، ومن أجل الاستمرارية وتسهيل البحث، تمّ اعتماد عنوانات الوثائق والأوصاف الموجودة في الأرشيف الرقمي لمركز ويلسون مباشرة من فهرس CRRC السابق وبيانات الملفات الوثائقية فيه.
وفيما يتعلق بالأشرطة الصوتية، التي تشكل أغلبية تسجيلات (CRRC) التي حصل عليها ستيف كول من البنتاغون، سيلاحظ الباحثون أنّ بعضها شملَ نسخاً عربية وترجمتها الإنجليزية، ويبدو أنّه مع نفاد الوقت والتمويل اللازمين لوجود المركز، تخلى المترجمون عن النسخ العربية لصالح إنتاج ترجمة باللغة الإنجليزية لأكبر عدد ممكن من الأشرطة الصوتية، ولم يكن المترجمون قادرين دائماً على التعرف على أصوات المشاركين في الاجتماعات، وهي مهمة أصبحت أكثر صعوبة بسبب الضوضاء وتفاوت جودة الملفات الصوتية، ومع ذلك، فليس من الصعب المبالغة في تقدير قيمة الأشرطة وندرتها النسبية، بالمقارنة مع أرشيفي هتلر وستالين، اللذين لم يستطع الباحثون فيهما من الوصول سوى إلى إحدى عشرة دقيقة من التسجيلات الخاصة بـ هتلر، أمّا لجوزيف ستالين فلا شيء يذكر.
وتزامناً مع نشر كتاب “فخ أخيل” لستيف كول، أصدر برنامج التاريخ والسياسة العامة في مركز ويلسون أول (20 ملفاً) – عشرة وثائق وعشرة أشرطة صوتية – من المجموعة الكبيرة لوثائق CRRC التي قدمها المؤلف، وسيتم إتاحة ملفات وثائقية أُخرى في الأشهر المقبلة. وتعود الوثائق المتاحة حالياً إلى السنوات الأولى من حكم صدام في العراق حتى بداية الغزو سنة 2003م، وبعد أنْ وظفَّ كول كلَّ ما يحتاجه من وثائق وتسجيلات في إعداد كتابه الأخير، فإنّ الوثائق ستكون متاحة للأكاديميين العراقيين والأمريكان ومن الجنسيات كافة، فضلاً عن الجمهور العام مستقبلاً. وبعد مرور أكثر من عشرين عاماً على حرب العراق، يأمل كاتب المقال أن يكون هذا المشروع هو الخطوة الأولى في مبادرة أوسع وبشكل مسؤول لإتاحة الأرشيف الكامل لـ CRRC، فضلاً عن الوثائق السرية الأُخرى في وزارة الدفاع الأميركية.
احتوت الدفعة الأُولى من الوثائق على ملف يتعلق ببداية حياة صدام، كان في الأصل في ضمن أرشيف مقر القيادة القطرية لحزب البعث، وقد احتوى الملف على معلومات تتعلق بطفولة صدام وتعليمه، بما في ذلك شهادة الصف السادس، وثلاثة أشرطة صوتية تعود للحرب العراقية -الإيرانية 1980-1988م، وفيها متابعة التطورات العسكرية للحرب وأبعادها الدبلوماسية، مثل: علاقات العراق مع الاتحاد السوفيتي، والتنافس مع نظام حزب البعث السوري بقيادة حافظ الأسد. كذلك توجد وثائق وأشرطة مسجلة عديدة متعلقة بالحقبة التي سبقت حرب الخليج 1990-1991م وما بعدها.
إنّ إحدى الوثائق الأكثر غرابة في المجموعة الوثائقية الأولى هي رسالة تتعلق بالجهود الدبلوماسية الأخيرة في المنطقة للحد من التوترات ودرء غزو صدام للكويت في آب 1990م، وهي وثيقة أرسلتها المملكة العربية السعودية إلى الكويت قبل الغزو مباشرة، واستولت القوات العراقية عليها، وأعادتها إلى العراق، من ثمّ استولت عليها القوات الأمريكية مرة أخرى في سنة 2003م.
ويمكن القول إنّ الشريط الصوتي الأكثر إثارة للاهتمام هو ذلك الذي تمَّ تسجيله في أعقاب تفجير مركز التجارة العالمي سنة 1993م، وفي ضمن التسجيل تكهن صدام ومستشاروه بأنَّ الصهاينة ربما كانوا وراء الهجوم على مركز التجارة العالمي، لكنهم أقروا بأنّ الإرهابيين الإسلاميين ربما كانوا مسؤولين أيضاً، وقد سبب هروب الأمريكي من أصول عراقية عبد الرحمن ياسين إلى العراق إرباكاً للقيادة العراقية وقلقاً من استغلاله لتوريط العراق في ملف الإرهاب مستقبلاً.
وتعلقت الوثائق الأُخرى بحقبة العقوبات الدولية ضد العراق للمدة من 1990-2003م، إلى جانب جهود صدام للإفادة من البيئة الدبلوماسية المتغيرة للحد من عزلة العراق، فضلاً عن وثائق تتعلق بانشقاق وزير التصنيع العسكري في عهد صدام حسين وصهره حسين كامل، والذي كان حادثاً شكل نقطة تحول رئيسة في العلاقة التي توصف بالمثيرة للجدل بين نظام صدام ومفتشي الأسلحة التابعين للجنة الأمم المتحدة الخاصة بالعراق.
ومن بين تلك الوثائق، يوجد توثيق لاجتماعات صدام وأصدقاء العراق الإقليميين والعالميين، بما في ذلك الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وزعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش، والبرلماني الكوبي ألفاريز كامبراس، فضلاً عن ذلك هناك شريطان لاجتماعات القيادة القومية لحزب البعث، تتضمن مناقشة أيديولوجيا الحزب، وطبيعة العلاقات مع فروع حزب البعث الموالية للعراق في جميع أنحاء الشرق الأوسط. علماً أنّ ميشيل عفلق كان يرأس القيادة القطرية في العراق وهو مؤسس حزب البعث، الذي أشار إليه صدام في أحد الأشرطة باسم الأُستاذ.
ومن أرشيف مركز CRRC في سنة 2002م، تسجيلات تضمنت توجيهات صدام لوزرائه يأمرهم فيها بالاستعداد للعقد المقبل، وهو المستقبل الذي لم يتحقق. وتوجد وثائق أُخرى متعلقة بميليشيا فدائيي صدام (6) التي كان يشرف عليها عدي نجل صدام، والتي قامت بعد 2003م ببعض المقاومة المسلحة، وإنْ كانت غير فعالة ضد القوات الأمريكية. وتوثق التقارير الاستخباراتية العراقية لسنة 2002م شائعات حول الغزو القادم بقيادة الولايات المتحدة إلى جانب الجهود الأمريكية والإسرائيلية لاغتيال صدام، وحينما اندلعت الحرب، حاول نظام صدام يائساً من وضع وتنفيذ خطط دفاعية، لكنها كانت من دون تأثير عملي يُذكر.
هذه الوثائق التي تمت الإشارة إليها في المقال، هي عينة صغيرة من المجموعة التي ستتم إضافتها إلى الأرشيف الرقمي لمركز ويلسون في الأشهر المقبلة، والتي يأمل الكاتب أن تُسهم في فهم أفضل لتاريخ العلاقات الأمريكية العراقية والأحداث التي بلغت ذروتها في حرب العراق سنة 2003م، مثلما أسهمت في انجاز كتاب كول الجديد.
الهوامش:
ملاحظة: إن الهوامش قد وضعها المترجم للتوضيح.
1- إنَّ هناك العديد من الكتب والدراسات التي أفادت من أرشيف CRRC، وبعضها قد تُرجم إلى العربية:
أ- أشرطة تسجيلات صدام وهو كتاب مترجم الى العربية، ويتوفر مقال للمترجم عن هذا الكتاب وهو منشور في موقع المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف بتاريخ 14 نيسان /2022م:
رابط المقال: https://iraqicenter-fdec.org/archives/1986
ب- بعث صدام رؤية من داخل نظام استبدادي ليوسف ساسون (كتاب مترجم إلى العربية).
ج- قصة الصراع من أجل العراق من جورج بوش إلى باراك أوباما لمايكل جوردن وبرنارد ترينر (كتاب غير مترجم).
د- الحرب العراقية –الإيرانية، لـ نايجل آشتون وجبسون بريان (كتاب غير مترجم).
فضلاً عن العديد من الكتب والدراسات الأُخرى عن الأرشيف العراقي في مركز أبحاث سجلات الصراع، التي يكون الاطلاع عليها ذو فائدة كبيرة للباحثين المهتمين بدراسة سياسة نظام البعث في العراق وشؤونه العسكرية والأمنية.
2- ستيف كول: صحفي في مجلة الإيكونوميست، وكان عميداً لكلية الصحافة في جامعة كولومبيا وكاتباً في مجلة نيويوركر، وقبلها عمل رئيساً لمؤسسة أميركا الجديدة، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن، كذلك اشتغل مراسلاً ومحرراً في صحيفة واشنطن بوست، ورئيساً لتحرير مجلة صنداي. وهو مؤلف لتسعة كتب عن الشؤون الدولية والتجارية، منها: كتاب (حروب الظل) الذي تدور أحداثه حول المُدَّة التي سبقت أحداث 11 ايلول/2001م، بما يتعلق بالتاريخ السري لعلاقة المخابرات الأميركية بأُسامة بن لادن، والذي حصل على جائزة بوليتزر، وكتاب آخر بعنوان (الإمبراطورية الخاصة) عن شركة أكسون موبيل، وآخرها (فخ أخيل) (2024م) عن الولايات المتحدة الأميركية وصدام حسين.
3- مركز ويلسون، تم تأسيسه في سنة 1968م، وهو أحد أهم المراكز في الولايات المتحدة الأميركية، من مهامه توفير حلقة وصل بين الفكر والسياسة، معظم أعضاء المركز مختصون ببرامج ومشاريع بحثية محددة، تُقارب ثلاثين مشروعاً، منها برنامج التاريخ والسياسة، الذي اهتم بالوثائق المُقدمة من ستيف كول.
4- مجلس المراجعة المؤسساتية، هو هيئة إدارية تم إنشاؤها لحماية حقوق وامتيازات المشاركين في الأنشطة البحثية التي تتم تحت رعاية المؤسسة التي ينتمون إليها، ويتمتع المجلس بسلطة الموافقة والإعفاء والرفض والمراقبة وطلب التعديلات على جميع الأنشطة البحثية التي تقع في ضمن نطاق اختصاصه على النحو المحدد في كل من التعليمات الفيدرالية والسياسة المؤسسية.
5- معهد التحليلات الدفاعية (IDA) هو مؤسسة خاصة غير ربحية، مقرها الرئيس في فيرجينيا، وتتمثل مهمته الرئيسة في الإجابة عن الأسئلة الأكثر تحدياً، للسياسة الأمنية والعلمية الأمريكية من خلال تحليل موضوعي يعتمد الخبرة العلمية والتقنية والتحليلية.
6- للمترجم مقال مبسط عن بعض الوثائق الخاصة بجرائم فدائيي صدام الموجودة في مركز CRRC، والمقال منشور في ضمن موقع المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف بتاريخ 16/3/2023م، رابط المقال: