ataba_head

جرائم فدائيي صدام في وثائق مركز تسجيلات الصراع (CRRC)

جرائم فدائيي صدام في وثائق مركز تسجيلات الصراع (CRRC)

د. قيس ناصر

جامعة البصرة

 

 

  عمل حزب البعث على إرهاب  العراقيين, ضمن ماكنة أو مستوطنة للعقاب تم تشكيلها , وصدام كان مسؤولاً عن إدارة هذه الماكنة عبر مجموعة من الأدوات, التي تمثل سلطته, واللافت هنا أن الأجهزة الأمنية التي يفترض أن تكون وظيفتها حماية الشعب, قد كان هدفها الأساس هو حماية السلطة و إرهاب  الشعب, فتشكيل أمني مثل فدائيي صدام– أسس في 1994-, لم يكن لحماية الشعب إنما لحماية صدام ورعب الشعب, من خلال السياسة التي انتهجوها وعملوا على توثيقها عبر جرائم قطع اليد أو قطع اللسان, أو كوي اللسان, وغيرها من الجرائم الاخرى, فتوثيقها الإعلامي يأتي ضمن سياسة الخوف وبث الرعب التي اعتمدها حزب البعث في جرائمه, هذه السياسة أي سياسة الرعب كانت حاضرة حتى في المجازر التي ارتكبت بعد 2003م, ولا سيما مجزرة سبايكر, التي حرص منفذو الجريمة على نشرها وهو أسلوب  فدائيي صدام نفسه .

  في الوثائق التي عُثر عليها بعد سقوط حزب البعث, وعثرت عليها القوات الأميركية ، بعضها حالياً في معهد هوفر , ومركز تسجيلات الصراع التابع إلى وزارة الدفاع الأميركية-الذي أغلق قبل فترة- هناك ما يُشير إلى العمليات الإجرامية  التي نفذها فدائيو صدام, أو التي يسعون إلى تنفيذها, ومنها التخطيط للقيام بعمليات اغتيالات لعراقيين خارج العراق, في لندن وايران ومناطق كوردستان العراق مناطق الحكم الذاتي كما مذكور في الوثائق-, وتشير الوثائق أيضاً إلى ايقاف العمل في الساحة الاردنية, مع تأكيد استخدام كبسولة الموت في حال فشل أحد العناصر المنفذة للجريمة,ولاسيما في الساحة الأوربية, ويتم تنفيذ عمليات الاغتيال بعد اختيار 50 عنصرا يدربون بشكل جيد بالتعاون مع جهاز المخابرات الصدامي, ويلاحظ هنا توفير الامكانيات اللازمة لهذه الجرائم سواء في حال ارتكابها في الساحة الاوربية (لندن), التي يكون مسؤولاً عنها الأوائل من المجرمين, من ثم في المرتبة الثانية, العمليات الإجرامية  التي ترتكب في ايران, وأخيرا  العمليات الإجرامية  في كوردستان العراق, وجميعها الهدف منها تصفية المعارضين لنظام صدام .

   وفي وثائق أخرى, تم الإشارة إلى أن من واجبات ميليشيات حزب البعث, أو جيش القدس- الذي تم تشكيله في تسعينيات القرن العشرين-, والفدائيين, محاصرة المدن واقتحامها في حال شعور الأجهزة الأمنية لأية تهديد لسلطة حزب البعث, وهذا ما حصل مع انتفاضة 1999 في العراق, إذ تم نشر فدائيي صدام في محافظتي بابل والنجف الاشرف, فضلا عن الأجهزة  القمعية الأخرى. وعلى الرغم من التدريبات التي اعتمدتها الإجهزة القمعية المسؤولة عن حماية السلطة, ولا سيما الفدائيين, فإن هناك تقارير تشير إلى حالات هروب كبيرة في صفوفهم بتاريخ ٣١ / ٣ /٢٠٠٣, في مدينتي: الناصرية, والنجف , ومدن عراقية أخرى, إذ أن حالات الهروب لهذه الأجهزة  القمعية قد قللت من أعداد المتصدين لقوات التحالف في 2003م.

  ويشير أحد الباحثين الغربيين, إن اهتمام صدام بالأجهزة القمعية التابعة له, مثل جهاز الأمن الخاص, وميليشيات الحزب, وجيش القدس, وفدائيي صدام, قد أثر على اهتمامه بالقوات المسلحة العراقية, وبالنتيجة, فإن التمويل يذهب لهذه الأجهزة, ويهمل الجيش, وهذا الأمر ساهم بسقوطه السريع في حرب 2003م, بمعنى آخر أن الأمر الأساس الذي يشغل تفكير صدام هو حمايته الشخصية من خلال الأجهزة  التي شكلها, ووظيفتها الأساس حمايته, أما ما يرتبط بالقوات المسلحة العراقية, فإنه قد ساهم بإنهيارها وضعفها بعد خوضه لحروب عبثية مع دول الجوار إلى يومنا هذا نعيش مأساتها .