هل طبقت المادة السادسة من قانون حقوق شهداء جريمة قاعدة الشهيد الطيار ماجد التميمي الجوية (سبايكر)؟!

الدكتور

رائد عبيس

 

أقرّ البرلمان العراقي باسم الشعب قانون رقم (12) لسنة 2019م؛ طبقاً لأحكام الدستور، الخاص بحقوق شهداء جريمة قاعدة الشهيد الطيار ماجد التميمي الجوية، المعروفة باسم (سبايكر) الذي نشر في الوقائع العراقية بالعدد 4552، 26/8/2019م؛ لضمان حقوق الضحايا الذي وصفهم القانون بالشهداء، في مادته الأولى، وبوصفهم شهداء عسكريين استنادًا إلى قانون الخدمة، والتقاعد العسكري المرقم (3) لسنة 2010م المعدل، بكل الحقوق والامتيازات التي وردت في قانون تعويض المتضررين من العمليات الحربية، والأخطاء العسكرية، والعمليات الإرهابية، المرقم (20) لسنة 2009م، في مادته الثانية.
فيعدّ هذا التشريع القانوني إلزامياً على كلّ الجهات التي ورد ذكرها فيه، أو الجهات المعنية بتطبيق القانون ونفاذه، ويترتب على مخالفته جزاءً معيناً لمخالفة ما ورد في مواده المنصوص عليها، وما تبع من قرارات، وتعليمات خاصة.
وبما أن القانون آنف الذكر قد ضمن الحقوق المادية للشهداء من رواتب تقاعدية، ومكافئات مادية، كان آخرها طلب مؤسسة الشهداء الصادر بتاريخ 14/6/2024م باستحصال موافقة رئاسة الوزراء في تخفيض تكاليف الحج لهذا العام (1445) هجرية إلى النصف لذوي الشهداء عامة، وشهداء جريمة قاعد الشهيد الطيار ماجد التميمي الجوية (سبايكر) خاصة، وقد تمت الموافقة على الطلب.
ولا نريد أن نقدم قراءة نقدية لكل تطبيقات هذا القانون، بل أردنا التساؤل عن مواده (6-1-2) حصراً، لما لها من أبعاد اعتبارية، ومعنوية، تمس مشاعر أهالي الشهداء، وهم يتجرعون غصة الخذلان، والإهمال، والخسارة التي لا تعوضها حقوق مادية فحسب.
وتسألنا هو، هل طبقت المادة (6) من قانون حقوق شهداء جريمة قاعدة الشهيد الطيار ماجد التميمي الجوية (سبايكر) ؟
تنص المادة السادسة بفقرتيها على الآتي:
أولاً: على وزارة الثقافة، وأمانة بغداد، والمحافظات كافة، والجهات المعنية الأخرى، اتخاذ الإجراءات اللازمة لتخليد شهداء القاعدة الجوية معنويا، وإدانة الجريمة من خلال إقامة النصب التذكارية، وتسمية المدارس والشوارع بأسمائهم، وغيرها من الأعمال التي تُخلّد الواقعة.
ثانياً: على محافظة صلاح الدين بالتنسيق مع وزارة الثقافة، والجهات المعنية إقامة نصب تذكاري مناسب للشهداء الذين استشهدوا في جريمة القاعدة الجوية، يتضمن أسماءهم، وتاريخ تولّدهم، ومحافظاتهم، وكذلك إحياء الذكرى سنوياً، بالفعاليات كافة التي تظهر بشاعة الجريمة.
 
فيما يتعلّق بالفقرة الأولى من المادة (6)؛ لم نجد اهتماماً واضحاً في تطبيق هذا القانون من قبل الجهات ذات العلاقة، والمشار إليها في نص هذه المادة، ونقصد هنا وزارة الثقافة، فلم نرَ لها أي جهد في إقامة نصب يخلّد جريمة مجزرة سبايكر، وقصّة واقعتها! لا في محافظة صلاح الدين، كما ورد في الفقرة الثانية من المادة (6)، ولا في بغداد، والمحافظات، وها هي الجريمة قد مضى عليها عقد كامل، ونحن في ذكراها العاشرة هذه الأيام. ولم نسمع بمجلس محافظة، أو محافظ، أقام حفلاً مركزياً بالمناسبة تخليداً للذكرى! ولا جامعة من جامعات العراق بادرت لذلك! ولا في مدرسة! ولم نجد حتى مؤسسات الشهداء الفرعية في المحافظات أي جهد معلن في ذلك! ولم نشاهد مَعْلَماً جديداً طيلة هذه العشر سنوات المنصرمة قد سمي باسم مجزرة سبايكر! ولا في اسم شارع، ولا اسم بناية، ولا جسر، ولا أيٍّ مما أشار إليه التشريع!
ولا يزال الأهالي يطالب بما ورد في القانون، وقد أطلع بعض منهم على القانون، ولعل النسبة الأكبر من المطالبات كانت للحقوق المادية مع إغفال هذه الحقوق الواردة في هذا القانون، مع أن مطالبات الأهالي بتطبيق قانون هذه الجريمة قد تأتي في سياق الضغط الشعبي للتسريع في تطبيقه، وكذلك كشف وإعلان تقصير الجهات الملزمة بالتطبيق لهذه البنود القانونية.
ولم نجد لمحافظة صلاح الدين جهداً معلناً في إقامة نصب كما وصفته المادة (6) في الفقرة الثانية!
ولعل ما يؤلم أهالي الضحايا، هو هذا التقصير في تطبيق المواد القانونية ذات البعد الاعتباري، في حفظ حقوقهم، وتسجيل تضحيات الشهداء للتأريخ.
ولعل الجهود الشعبية تسهم بشكل كبير بتخليد ذكرى المجزرة شعبيا والمبادرة في حفظ تاريخها وآلامها، فنجد مثلاً من يُسمي موكباً حسينياً باسم (موكب مجزرة سبايكر)، وهو موكب موجود في مدينة الكوفة، وبعض اللافتات التي تشير إلى الجريمة من هنا وهناك في أثناء المناسبات الدينية. فمثل هذه الجهود على الرغم من أهميتها تبقى جهود فردية وجماعية غير منظمة ومتفاوتة بين سنة وأخرى.
أما ما ألفناه من العتبة العباسية المقدسة من دأب، واحتفاء سنوي، في تخليد ذكرى هذه الجريمة بشكل منظم، ومنهجي، ومحسوب، هو ما يؤخذ في الحسبان؛ لأنه ينطلق من قواعد قانونية، وأخلاقية، وشرعية، وإنسانية. مع مطالباتها بإحياء ذكرى هذه الجريمة على الصعد كافة: العلمية، والفنية، والفعليات الصورية، والمهرجانات، وتكريم أهالي الضحايا، وغيرها، ولا سيما ما جاء من توصيات في ختام مهرجان فتوى الدفاع الكفائي الثامن، ومجزرة سبايكر في ذكراها العاشرة، وهو عينة حقيقية مما أشار إليه قانون الجريمة في المادة 6-1-2 آنف الذكر.

للاطلاع على قانون رقم (١٢) لسنة ٢٠١٩، حقوق شهداء جريمة قاعدة الشهيد الطيار ماجد التميمي الجوية (سبايكر):اضغط هنا.