الدكتور
رائد عبيس
دأب حزب البعث منذ توليه السلطة على تثبيت قواعد حكم اتسمت بالتفرد، والإقصائية، والتصفيات السياسية، وإعدام المنافس السياسي عبر حظر الأحزاب المعارضة، وتجريم كلّ من ينتمي لها، بل وإبادة كلّ من يعلن ممارسته نشاطها وتهجيره. فضلاً عن حبس، وإعدام، وتعذيب كل من تطاله الشبهة منهم.
وهذا السلوك البعثي ناشئ من عوامل قد تكون معروفة، مثل: التوجهات الطائفية للنظام ـ في عدائه للشيعة – والتوجهات القومية العربية – التي على أساسها قاد حربًا ضد الأكراد- والتوجهات الفردية في السلطة التي تعززت بحكم ” القائد الضرورة “! بعد تولي الرئيس القاتل صدام لها.
كان الرئيس القاتل قد فسر وجود هذه الضرورة باستعراض القوة ضد الخصوم، والأعداء، وحتى الأصدقاء الذين قتلهم، وبكى عليهم في جريمة قاعة الخلد في حالة من التناقض الأخلاقي، والانتهاك القانوني الصارخ في إصدار أحكام الإعدام خارج المحاكم.
وتأسيساً لهذا الانتهاك وغيره، توالت الانتهاكات القانونية، وانخفضت فوقية القانون، وألغيت شرعيته، وتفرعاته التشريعية الاعتيادية، لمصلحة الحزب ومقرراته وأوامره التي أنصبت على تثبيت أسس (بعثنة الدولة) متجاوزين كلّ حق ثبت بالدستور بما يضمن فسحة من الأمل في عيش كريم.
ولكن قوانين البعث السياسية أصبحت الأكثر نفاذًا من كل القوانين الضامنة لحقوق المواطن في الحرية، والكرامة، وحق التقاضي، وحق التعبير عن الرأي التي وردت في دستور العراق المؤقت لسنة 1970م في مواده: 26،25،21،20،19، وغيرها من مواد الباب الثالث.