د. محمد جبار الكَريزي

يستذكر العراقيون في مثل هذا اليوم، المقابر الجماعية بمناسبة اليوم الوطني للمقابر الجماعية في العراق الموافق 16 آيار من كل عام، ويشير قانون شؤون المقابر الجماعية المعدل رقم 5 لسنة 2006، إلى المقبرة الجماعية بأنها هي الأرض أو المكان الذي يضم رفات أكثر من شهيد تم دفنهم أو إخفاؤهم على نحو ثابت دون اتباع الأحكام الشرعية والقيم الإنسانية الواجب مراعاتها عند دفن الموتى وبطريقة يكون القصد منها إخفاء معالم جريمة إبادة جماعية يقوم بها فرد أو جماعة أو هيأة وتشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان.

يذكر أن: “العدد الكلي للمقابر الجماعية المثبتة في العراق يبلغ 216 مقبرة، تم فتح 130 مقبرة منها لغاية الآن وما زالت 86 مقبرة غير مفتوحة، وتم رفع 7370 رفاتا منها”.

وتُطرح عدة أسئلة عن توثيق هذه المرحلة من خلال البحوث العلمية، منها: هل أعطى الباحثون والمثقفون من نتاجهم الفكري والعلمي لهذه القضية اهتماماً يستحق وأهمية هذه القضية الإنسانية، وللإجابة عن هذا التساؤل، تم إجراء بحث عن موضوع المقابر الجماعية في الموقع الرسمي للمجلات العلمية الأكاديمية العراقية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالتحديد عن البحوث التي وثقت تلك المرحلة المظلمة في تاريخ العراق إبان حكم حزب البعث المقبور، فوجدت سبعة بحوث فقط كُتبت عن موضوع المقابر الجماعية، والبحوث هي:

1. المصلحة المحمية في جرائم المقابر الجماعية دراسة مقارنة، رسل فيصل دلول، مجلة ميسان للدراسات القانونية المقارنة، 2020، المجلد 1، العدد 2، الصفحات 329-355.
2. الحماية الجنائية للمقابر الجماعية “دراسة في ضوء قانون حماية المقابر الجماعية العراقي” محمد علي سالم، إسراء محمد علي سالم، مجلة الكلية الإسلامية الجامعة، 2015، المجلد، العدد 36، الصفحات 19-35.
3. دور الهيئات الخاصة في حماية المقابر الجماعية، شيماء طرام لفتة النوفلي، صــــلاح جـبـيـــر البصيصي، مجلة رسالة الحقوق، 2023، المجلد 15، العدد 4، الصفحات 32-47.
4. المسؤولية الجزائية عن جريمة المقابر الجماعية، حمود حيدر مبارك العويلي، اكليل للدراسات الانسانية، 2021، المجلد 2، العدد 3، الصفحات 601-619.
5. الحماية الجنائية للمقابر الجماعية في ظل أحكام القانون الدولي الإنساني، فاضل عبد الزهرة الغراوي، مجلة العلوم القانونية، 2021، المجلد 36، العدد 1، الصفحات 217-260.
6. الحماية القانونية للمقابر الجماعية، مصطفى عماد محمد البياتي، مجلة الكلية الإسلامية الجامعة، 2022، المجلد 2، العدد 66، الصفحات 227-26.
7. التحليل الجيو سياسي لمقابر الإبادة الجماعية في العراق للفترة من 1979 – 2017، الأستاذ المساعد الدكتور قاسم عبد علي عذيب، آداب البصرة، 2022، المجلد 99، العدد 1، الصفحات 215-246.

وهنا الاستغراب من عدم خوض الباحثين والجامعات في هذا المجال، وهل التقصير من الباحث نفسه أم من عدم وجود تحفيز من قبل الجامعات للكتابة في هذا الموضوع، ونضع علامة استفهام بإزاء الجهات المعنية في هذا الملف الوطني والإنساني، لكونهم لم يعطوا للملف أهمية علمية توثيقية تستحق وحجم المأساة والمعاناة التي تحملها ضحايا المقابر الجماعية، مع وجود التقصير الواضح في تحفيز الباحثين بالكتابة في توثيق هذه المرحلة، وإلا سيتم نسيانها كبقية الأحداث (الانتفاضة الشعبانية أنموذجاً)، التي ارتكبت بحق العراقيين.

ونستنتج من ذلك، هناك ضعف في النتاج العلمي والبحثي والتوثيقي عن المقابر الجماعية التي ارتكبت من قبل النظام المقبور، وكذلك ضعف في الجانب الإعلامي في إبراز مظلومية ضحايا التطرف والإرهاب، وكذلك لم نشاهد أعمالاً فنية تجسد مأساة هذه القضية، وكذلك هناك صورة ضبابية لدى النشء والشباب حول هذه الأحداث الإجرامية التي ارتكبها النظام المقبور.

وعليه نقترح الآتي: تشجيع الباحثين في الكتابة في توثيق جرائم المقابر الجماعية عن طريق إجراء مسابقة وطنية تعلن نتائج البحوث في اليوم الوطني للمقابر الجماعية، وتفعيل أثر الإعلام المحلي والإقليمي والدولي في الكشف عن جرائم النظام المقبور وانتهاكات حقوق الإنسان وكذلك خلق رأي عام تنويري حول جرائم البعث الصدامي لدى الشباب والنشء، وإقامة أعمال فنية تجسد حجم المأساة والمعاناة لضحايا المقابر الجماعية، التأكيد على المؤسسات الحكومية وبالأخص (المدارس والجامعات) في إقامة وقفة حداد على أرواح ضحايا المقابر الجماعية في اليوم الوطني للمقابر الجماعية من أجل استذكار ضحايا التطرف والإرهاب والمقابر الجماعية وذويهم.