16 أيار – اليوم الوطني للمقابر الجماعية
الأُستاذ حبيب القريشي
هل يستحق هذا اليوم أن يكون عطلة رسمية وذكرى لكل العراقيين جيلاً بعد جيل؟
الإجابة عن هذا السؤال هل يحتاج عشرات آلاف المقالات والكتب والوثائق ومئات المقابر الجماعية لكي نُثبت إن هذا اليوم يستحق أن يكون عطلة وذكرى أم مئات آلاف الشهداء ممن لم يتم العثور على رفاتهم. لقد قتل صدام وحزبه مئات الآلاف من العراقيين من مختلف فئات الشعب العراقي مبتدءاً حكمه بقتل رفاقه في الحزب فاذا ذكرنا أربع محطات من محطات إجرام صدام والبعث، ربما يدرك المسؤولون أهمية جعل هذا اليوم عطلة رسمية وذكرى للأجيال الآتية. وهذه المحطات، هي:
- قرار ٤٦١ لسنة ١٩٨٠م الذي قضى بإعدام كل من انتمى أو روج لأي حزب غير البعث وبالذات الاحزاب الإسلامية ومنها حزب الدعوة وبأثر رجعي، وقد راح جراء ذلك الآلاف من أبناء العراق ضحايا لجرائم نظام البعث.
- في مطلع الثمانينيات اعتقل الآلاف من الكورد البرزانيين، وتم نقلهم إلى جنوب ووسط العراق حيث تم تصفيتهم ودفنهم جماعيا هناك حيث قتل أكثر من 80 ألف منهم.
- ١٦ آذار ١٩٨٨م تم قتل أكثر من خمسة آلاف شخص كيمياويا في حلبجة وتم دفنهم في مقابر جماعية هناك.
- أعمال الإبادة التي اعقبت الانتفاضة الشعبانية في وسط وجنوب العراق عام ١٩٩١م راح ضحيتها أكثر من ٣٥٠ ألف شخص دفنوا في أكثر من ٢٠٠ مقبرة جماعية.
ويمكن للمراقب وللمقاربة مع الفارق مُلاحظة إنّ عدد ضحايا نظام الدكتاتور التشيلي بينو تشه أكثر من ثلاثة آلاف شخص فقط، ولديهم ذكرى سنوية للتذكير بالضحايا وبالنظام الدكتاتوري الذي ارتكب تلك الجريمة، وهو عدد أصغر مقبرة جماعية ارتكبها نظام صدام، الذي تم التغاضي عن اختيار يوم وطني أو الخروج بذكرى للتذكير بجرائمه!!!!
وعلى وفق ما مذكور في الوثائق المرفقة للمقال إن (3216) عراقيا ذهبوا ضحايا لحرب صدام العبثية ممن اسمه (حسين)، لاسيما في حربه الظالمة 1980-1988م. فكم قتل من باقي العراقيين؟ قد يكون الأمر صدفة باعتبار أنَّ غالبية الجنود في الخطوط الأمامية هم من الشيعة أو يكون هناك قصد في هذا العدد الهائل من الضحايا من مجموع 500 ألف عراقي قضى نحبه في الحرب العبثية مع ايران فقط، لكن عند ربط الأحداث وتسلسلها نصل إلى نتيجة إنّ القصد كان معتقد الشخص الذي يرمى في فوهات البنادق والموت لان صدام وحزبه كان يتصرف بطائفية واضحة في الجيش وفي القضايا المدنية الأُخرى، فمن يتمعن بالقرار 666 الصادر في 7/5/1980م، والذي قضى بتسفير مئات آلاف العراقيين من قومية الكورد الفيلية إلى ايران فقط لكونهم شيعة، يدل بشكل كبير إلى حصول أكبر عملية تطهير عرقي في القرن العشرين لقومية كاملة من قبل نظام البعث كما أشار القرار، ويمكن فهم هذا السلوك الطائفي إذا تمت مقاربته مع التعليمات الواضحة على وفق الوثائق المرفقة، التي تشير إلى محاربة الشعائر والطقوس الشيعية ومنع من يمارسها ومراقبتهم وتجريمهم وإداء كبار قادة البعث للقسم بعدم ممارسة هذه الشعيرة والزيارة للمراقد المقدسة.
ختاماً، إن يوم 16 آيار في العراق، ينبغي أن يكون يوماً وطنياً لتخليد الضحايا، والتذكير بجرائم نظام البعث التي عانى منها جميع العراقيين.