ataba_head

معارضة صدام وزمرته البعثية فخر في الدنيا وذخر في الآخرة

معارضة صدام وزمرته البعثية فخر في الدنيا وذخر في الآخرة

 

د. عطور الموسوي

 

سقطَ الصَّنَمُ وانتشر البعثيون في أرض العراق الطيبة متسللين إلى مفاصل الدولة والمجتمع، مستثمرين غياب اسمائهم الحقيقية عن الناس، فهم عملوا في مهمة قمع الشعب العراقي بأسماء مستعارة إلَّا ما ندر.

نعم أفلتوا من العقاب والقصاص العادل في ظل وجود جيش الاحتلال الذي صار لهم ملاذا وأمنا.. خرجوا من الباب ليدخلوا من الشبابيك في ظل غياب متابعة جادة من الحكومات التي توالت منذ عام 2003م.

أمِنُوا العقابَ فأساؤوا الأدب، ورويدا رويدا صاروا يتجرؤون على الطعن بالمعارضة العراقية التي قدمت قرابينَ للشهادة لن يصل إليها بلد مثله، وبدماءِ شُهدائهم وتضحيات سجنائهم زلزل الله عرش صدام وعلى أيدي أسياده.

وتَخرجُ من هنا وهناك ومنذ مُدَّةٍ إشاراتٍ تتهمُ نظام الحكم بنفس المعارضة!! وتعلِّقُ كلَّ الأخطاء عليها مع أنَّ نظام الحكم برلماني ديمقراطي لا يقبلُ أيَّ استبدادٍ!

نعم لم يعارض صدامَ المجرمَ إلَّا كلُّ شريفٍ وذو مبدأ رفضَ البعثَ ونَهجَهُ الَّذي استهدف القيَّمَ النبيلةَ في عراقِ الحضاراتِ.

فهل صارت المعارضة سُبَّةٌ أو عَيبًا ؟!؟بدلا من التَّفاخرِ بتاريخٍ قَدَّمَ آلاف آلاف الشهداء والشهيدات من خيرة كفاءات العراق قتلوهم صبرا من دونِ جُرمٍ إلّا مُعارضَتَهُم لفرعونَ العراقِ!

استغربُ أينَ كانت هكذا طروحات قبل 2003 م؟!

أجيبُ :إنَّهُم كانوا يخشونَ قطعِ اللِّسانِ وَيليهِ قطعُ الرأس و(الهوسة) به أمام الجميعِ.

نَسِيَ هؤلاء البعثيونَ وأيتامُ صدام كيف كانَ العراقيُّ ينتظرُ الحصةَ التموينيةَ البائسةَ يومًا يومًا ومهما كانتْ شهادتُهُ ووظيفتُهُ ؟!

ويتذكرُ أساتذةُ جامعةٍ بعضهم يتفلسفُ اليومَ كيف جَالوا الشوارعَ والأزقةَ بسياراتِهِم (البرازيلي) سواقًا للتكسي لتأمينِ لقمةِ العيشِ!

ونَسَوا كيف كانت الدجاجة الهزيلة مكرمةً من القائدِ الضرورةِ في شهرِ رمضانَ حصرًا!؟

أم نَسوا كيف كانت احتفالات ميلاده المشؤوم مستمرة على الرغم من سنوات الحصار وبأكبر الكعكات وأطفالُنا يتضورون جوعا ويحلمون بالحليب وأبسط الحلوى، وقد منع استخدام السكر فيها.

وأكيدًا يتذكرون مذكرة التفاهم الذليلة (النفط مقابل الغذاء) الَّتي سُرِقَتْ بها مليارات الدولارات وبكيفيات شتى، لَعلَّ أهونَها تَسلطُ عديٍّ وسجودة على مصادر واردات المواد!

إنَّ مَنْ بَقِيَ في العراق تحت مطرقة استبداد البعثيينَ ورأسِ سلطتِهِمُ العفنِ صَدَّامَ وعنجهياتِهِ يعرفُ معنى المعارضة وتحدى كلَّ آليات القمع البعثي والإقصاءِ المقيتِ فقط لأنهُ ذو مبدأٍ..

أعجبُ أينَ كانتْ أقلامُكُم النَّديَّةَ هذهِ؟!

لماذا لمْ ينطقْ أحدٌ بِحَرفٍ؟!

متى نتعلمُ أنْ ننظر إلى الجزءِ الممتلئ من الكأسِ ولا نستمرُ بتكسيرِ المَجاذيفِ حتى بعد 20 عام من سقوط طاغية العراق..

فإنْ كان هذا حنينًا لصدَّامَ وحقبتِهِ المظلمةِ أقول لا عودةَ لَهُ ولا لِشراذمهِ أبدًا أبدًا..

احمَدوا اللهَ أنَّ المُعارضينَ لم يعاملُوكُم بذات الإقصاء والكراهية التي مارستموها فمازلتم في وظائِفِكُم ورواتبكم لا تقارنُ بما كُنتم عليه في زَمنِ سَيِّدِكُم المَقبورِ..

أقلُ نعمةٍ نَرفَلُ بها الآنَ هي أنَّنا نتحدث، ونكتبُ، ونُشاهدُ، ونَتَواصلُ من دونِ أنْ يكتبَ علينا رفيق أو رفيقة ذات زيتوني تقريرًا أصفرَ كَسُمِّ العَقاربِ..

وعلى الأقلِ لمْ يَسرقْ أيُّ رئيسِ وزراءٍ بعد 2003م ما سرقَهُ صدامُ وأُسرتُه القذرةُ من سبائكِ ذهبٍ وأرصدةِ البنكِ المركزيِّ وأرضِ العراقِ من شماله إلى جَنُوبهِ!

ولمْ يُحَوِّل أحدُهُم أراذلَ الخَلقِ إلى رُتَبٍ عَسكَرِيَّةٍ تتحكمُ في شعبِ الحضاراتِ.. ولم يبنِ قصورا نمّت عن جوع قديم، ذلك أنَّ تداول السلطةِ سلميٌّ عبرَ الانتخاباتِ.

وأخيرًا اسألُ كم معارض حقيقي لصدام المجرم الآنَ هو في مركزِ صنع القرار ؟!فقد تسلق البعثيونَ وأيتامَهُم إليها مستغلينَ الديمقراطيةَ والانتخاباتِ وحقوقِ الإنسانِ ويا لَيتَهُم يشكرون

عُودوا لِرشدكم يامن تنعتون زمن الهدام بالزَّمنِ الجَميل، واحترموا تاريخَ بلدكم المُشَرِّفَ الَّذي طرَّزَتهُ دماءُ الشهادةِ، وصبُر الأُمهاتِ، ويُتْمُ الأطفالِ في ذلك الزمن الذي تحنونَ إليهِ وكان أحدُكُمُ يَحلُمُ بصعودِ طائرةٍ أو أنْ يشاهدَ فضائيةٍ أو أن يحملَ هاتفًا نَقَّالًا.

قبلَ أنْ تجعلوا المعارضةَ وصمةً وشماعةً تُعَلَّقُ عليها كلّ الأخطاءِ.. افتخروا بهذا المقطعِ الزَّمنيِّ المُخَضَّبِ بأنقى دماءٍ وأعظمِ جهادٍ.

كلمةُ حقٍّ عِنْدَ سُلطانٍ جَائِرٍ.