banarlogo

تمويل داعش في العراق الحلقة الثانية تجارة النفط

تمويل داعش في العراق الحلقة الثانية تجارة النفط

 

الدكتور ثائر الخاقاني

 

     تعدُّ عصابات داعش الإرهابية من أقوى الجماعات المتشددة في العالم بسبب حجم الإيرادات المالية الضخمة التي تحصل عليها من مصادر متعددة أبرزها تهريب النفط ومتاجرته لغرض إدارة شؤون المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وتمويل أفرداها والعمليات الإرهابية التي تنفذها، وقد سعت إلى تشغيل البنية التحتية النفطية المحلية المسيطر عليها بدلا من تدميرها لغرض كسب إيرادات مالية تقدر بملايين الدولارات من مبيعات هذه الموارد للعملاء المحليين والدوليين، عن طريق الوسطاء والمهربين الذين يتاجرون في نقل النفط والمنتجات النفطية للبيع داخل الأراضي التي يسيطر عليها داعش أو المناطق القريبة منها.

     ولأهمية النفط أولت عصابات داعش اهتماماً كبيراً للسيطرة على الحقول النفطية منذ بداية ظهورها عام2011م في سوريا ثم توسعت باتجاه العراق، إذ ارتفع تهريب المنتجات النفطية في جميع المدن التي تسيطر عليها، وتمكنت من الاستيلاء على سبعة حقول نفطية مهمة في العراق بعد خمسة أيام من سقوط الموصل في10 حزيران2014م في محافظتي نينوى وصلاح الدين، هي: (نجمة، القيارة، بطمة، عين زالة، عجيل وعلاس، حمرين)، كما فرضت حصاراً خانقاً أستمر اشهر عديدة على مصفاة بيجي في مدينة تكريت قدمت خلاله القوات الأمنية ضحايا كبيرة لغرض منع الاستيلاء عليه من قبل داعش لأهمية هذه المنشأة الحيوية وموقعها الاستراتيجي، كما فرضت عصابات داعش سيطرتها على أنابيب تصدير النفط الخام لغرض تأمين عملية نقل النفط المسروق، وقد قدرت الطاقة الانتاجية لهذه الحقول بما يقارب (40 الف برميل) من النفط الخام يومياً، وتحتوي على (80) بئراً نفطياً ينتج الغاز المصاحب بقدرة (150 الف قدم مكعب) من حقل (عجيل) إضافة إلى مصفى (القيارة) الذي ينتج (16الف قدم مكعب).

     لقد تمَّ بيع برميل النفط الواحد بأسعار زهيدة تقدر بين (10-35 دولار للبرميل) إلى الوسطاء والمهربين ليقوموا ببيعه بـ(60-100 دولار للبرميل) في الأسواق المحلية والمجاورة، وتتم معالجة بعض النفط المسروق بواسطة مصافي النفط المتنقلة في المناطق التي يسيطر عليها عصابات داعش.

     وتشير التقديرات إلى أنّ الدخل اليومي لعصابات داعش يقدر بنحو (3 مليون دولار)، قبل عمليات تحرير المدن، وبلغ مجموع الآبار التي سيطرت عليها داعش حوالي (350) بئراً نفطياً (40%) منها في العراق و(60٪) في سوريا، وقُدّرَ إنتاج النفط الموجود في هذه الحقول بنحو (80،000) برميل يوميا، يبيع منها (30،000) برميل في اليوم من العراق و(50،000) من سوريا.

     لقد عمل داعش على تصدير النفط بواسطة شبكات من المهربين لغرض نقل النفط خارج مناطق النزاع باستخدام مجموعة متنوعة من الوسائل (الشاحنات الناقلة، شاحنات صغيرة، والجراكن التي تحملها البغال، ولأنابيب المؤقتة، وحتى الطوافات عند عبور الأنهار).

     إنّ أغلب المشترين للنفط هم (اصحاب الشركات الصغيرة وأصحاب أساطيل النقل، والمزارعين) من دول الجوار ولاسيما تركيا، يشترون النفط الخام المهرب بأسعار منخفضة بشكل كبير عن مستوى الأسعار في سوق النفط العالمية، وتقوم عصابات داعش بتهريب النفط الى تركيا عبر خطوط الأنابيب السرية على طول الحدود السورية التركية في مدن (هاتاي، أورفة، أنتيب، غازي عنتاب وكيليس).