“اغتيال الطفولة: الجحيم المخفي للحياة تحت هيمنة كيان داعش الإرهابي”
بقلم: د. عباس القريشي
تعدُّ جرائم كيان داعش الإرهابي ضد الأطفال من بين أكثر الأفعال الشنيعة والمروعة التي تؤثر على الطفولة وتغتال براءتها.
إذ مثَّلَ تعرض الأطفال الشيعة التركمان والأيزيديين للاعتقال والحبس من قبل داعش جزءًا من الجحيم الذي عاشوه تحت حكم هذا التنظيم الإرهابي.
فبعد هيمنة كيان داعش الإرهابي على مناطق واسعة من شمال العراق وغربه تعرض أطفال تلك المناطق لظروف قاسية شملت معاناتهم برؤيتهم مشاهد العنف الحقيقية بدأ بقتل آباءهم وأٌمهاتهم وإخوانهم الكبار من قبل عناصر داعش الإرهابيين، مرورا باغتصاب النساء البالغات وقتلهن إن كن شيعيات ثم الاعتقال، والتجنيد القسري، والإكراه على ارتكاب جريمة القتل، ويكون التعذيب نصيب من يمتنع.
فالضحية التركماني الشيعي (م ع. ق) أفاد قائلاً: عندما وقعت أسيرًا لدى داعش كنت بعمر ٧ سنوات، ثم عزلوني عن إخوتي وأخواتي ووضعوني في دار خاصة مع مجموعة كبيرة من الأطفال الذكور الذين تتراوح أعمارنا ما بين ٦-٨سنوات، ثم دربونا تدريبا عسكريا تعلمنا فيه تفكيك المسدس والبندقية وتنظيفهما والرمي بهما، وبعض منا تعلموا صنع العبوات الناسفة، وكانوا يعرضون علينا أفلاما فيها كيف يقوم عناصر داعش بذبح ونحر وقتل الناس.
وبعد مدة من الزمن مارس بعض منها الذبح عمليا إذ كانوا يأتون ببعض الأشخاص ثم يطلبون متطوعين من الاطفال لذبح هؤلاء ويقولون لنا إنّ في هذا الفعل دلالة على شجاعة الفاعل وقوة إيمانه وقربه للرب، ولما سألته هل تعرف من هؤلاء الناس وما جريمتهم، قال: كان بعضنا يسأل من هؤلاء فيقال لنا إنهم أعداء الدولة (داعش).
دروع بشرية
في بدايات انهزام كيان داعش أمام القوات الأمنية العراقية استخدام كيان داعش الإرهابي الأطفال كدروع بشرية في المعارك.
إذ أفادت الناجية الأيزيدية (م.ر.ش) قائلة:- لما اقتربت القوات الأمنية كان عناصر داعش مرعوبين بسبب كثرة القتلى بينهم وانهزام إعداد كبيرة منهم، وكنت أنا وخمسة أطفال إناث جمعونا من بيوت الدواعش في أحد المنازل وبدأوا بنا واحدة تلوى الأخرى فالبسونا أحزمة ناسفة وتكلموا معنا بأننّا اذا أردنا أنْ نلتقي بأهلنا ونراهم فما علينا إلاّ سحب الصاعق! أو العمل على تماس السلكين ببعضهما ببعض! وبعدها ذهبنا باتجاه القوات الأمنية وكانت بيننا الناجية (ز.و.د.)، قالت لا تفعلوا ما قالوا لأننّا سنموت ولما رآنا الحشد الشعبي نادوا علينا لا تخافوا ونحن سنحرركم فأرسلوا لنا شخصين فككوا القنابل وحررونا بعدها.
أما الضحية التركمانية الشيعية (ر.ن.أ) أفادت قائلة:- عندما خطفني داعش كنت بعمر ١٠سنوات ومعي أخواتي الثلاث وإخوتي الأربعة وكانت أكبرنا أُختي ذات الـ١٣عاما، وقد رأينا كيف قتل عناصر داعش أبي وأُمي وعمي وزوجتيه وجدي وزوجته وأخ جدي وزوجته وابن جدي وزوجته، وكيف أكرهونا على أفعال قبيحة يقشعر لها الجسد.
وفي ذلك انتهاكات صارخة لحقوق الطفل بشكل فظيع، مما تسبب في أضرار نفسية وجسدية لا تُعوَّض.
وتتضمن العواقب النفسية لحبس الأطفال وتجنيدهم من قبل داعش الإرهابي تأثيرات عميقة على صحتهم النفسية ونموهم الشخصي، حيث يعانون من اضطرابات القلق والاكتئاب وصعوبات التكيف مع الحياة بعد تحريرهم. مما يلزم الحكومة والدولة والمنظمات الإنسانية العمل الجاد لفتح مراكز تأهيل نفسية وإرشادية لا سيما إذا أخذنا بالنظر إمكانية مخاطر انتمائهم لتنظيمات إرهابية أخرى نتيجة لتجاربهم السلبية مع داعش.
ويجب على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب وتأمين المناطق المهددة بالتطرف، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الناجين وعائلاتهم لمساعدتهم على التعافي والتأقلم مع ذكريات الظروف الصعبة التي عاشوها.