تمويل داعش في العراق الحلقة الأولى تجارة الآثار
د. ثائر الخاقاني
يمتلك العراق العديد من المواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين تمثل إرث حضارة بلاد الرافدين وتاريخه، لقد شهدت السنوات التي أعقبت احتلال القوات الأمريكية للعراق عام 2003م سرقة العديد من القطع الأثرية، سواء من المتاحف ام بالحفريات من قبل الأشخاص أو الجماعات المتطرفة بشكل غير قانوني، ولاسيما في أثناء سيطرة عصابات داعش الإرهابية على أجزاء واسعة من العراق، إذ عمل على تدمير وسرقت معظم الآثار في مناطق سيطرته مثل مدينة النمرود في محافظة نينوى، التي تعد من المناطق الأثرية المهمة في العراق ويعد تنظيم داعش الاثار رمز للوثنية بحسب أفكاره وعقيدته المنحرفة، وكشفت الوثائق التي استولت عليها القوات الأمنية العراقية اثناء عمليات تحرير المدن من تنظيم داعش عن حصوله على عشرات الملايين من الدولارات من تجارة الآثار المسروقة، إذ تعدُّ تجارة الاثار المنهوبة من المصادر الرئيسة التي اعتمد عليها التنظيم لتمويل عناصره وعملياته الإرهابية، وتشكل ثاني أكبر مصدر للدخل عنده وقد بيعت القطع الأثرية التي نهبت من المناطق الخاضعة لسيطرته وشمل هذا المواد المسروقة من المتاحف الوطنية، ومستودعات التخزين، فضلا عن المناطق التي قام التنظيم بحفرها بصورة عشوائية باستخدام الأدوات البدائية في التنقيب.
وبعد احتلال الموصل عام 2014 م وقع ثلث المواقع الأثرية في العراق تحت سيطرة تنظيم داعش، وإنَّ تهريب الآثار قام به قسم الآثار في التنظيم إذ يتم شراء السلع والمقتنيات الأثرية وبعدها تهرب عن طريق وسطاء للدول المجاورة للعراق (تركيا والأردن وإيران.. الخ) عبر طرق التهريب التقليدية أو بعد عرضها وتسويقها للتجارة بواسطة شبكة الإنترنت، ليتم بيعها للسياح أو تخزينها الى أماكن مخصصة وأمينة بانتظار ارتفاع سعرها في المستقبل، ثم تنقل الى أوروبا والولايات المتحدة وكذلك في دول الخليج والصين لتعرض هناك بالمزادات.
ومن تلك الآثار التي تاجر بها تنظيم داعش هي(الفخار القديم، الحلي، العاج، المنحوتات، العملات القديمة، التماثيل التي تعد ثروة ثمينة في سوق النفائس التاريخية).
وقد ذكر ألمندوب ألدائم لروسيا في الأمم المتحدة السفير فيتالي تشوركين للمدة 2006-2017 م في رسالة إلى مجلس الامن بتاريخ 06/04/2016م إذ قال (تخضع نحو 100 ألف مادة ثقافية ذات أهمية عالمية ومن بينها 4500 موقع أثري منها 9 مدرجة على قوائم منظمة الأُمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لسيطرة داعش في سوريا والعراق وأضافَ أنَّ الأرباح التي يجنيها التنظيم من هذه التجارة المحضورة تقدر بين 150 إلى 200 مليون دولار امريكي كل عام) وأغلبها تهرب من العراق وسوريا إلى دولة تركيا ومنها إلى دول العالم لاسيما أُوربا وامريكا.