ataba_head
banarlogo

نحو ثقافة مغايرة

نحو ثقافة مغايرة

 

الكاتب علي الفريجي

 

إنَّ تطبيق اجراءات مواد قانون المساءلة والعدالة رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٨ م سوف لن يكون وحده قادرا على حماية التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق، من النفس التآمري والانقلابي الذي يؤمن به البعث المنحل إذا لم يكن مقترنا وبشكل فعلي بإيجاد ثقافة وطنية مناهضة ومغايرة للثقافة التي بثها في المجتمع منذ استلامه لسدة الحكم، حيث تحولت إلى سلوك ما زالت أثاره توقع أضرارا بليغة في الحياة العامة وعلى أصعدة مختلفة.

إنّ تلك الإجراءات ومع الاعتراف بأهميتها الشرعية والقانونية، والمتمثلة بقرارات الاعادة إلى الوظيفة أو الإحالة على التقاعد أو غير ذلك لأعداد كبيرة من المشمولين بإجراءاتها، ما هي في الحقيقة إلا تزكية وجواز مرور إلى المجتمع ومؤسساته الإدارية والقانونية والعدلية والثقافية والاقتصادية وغيرها، دون أن يكون هناك برنامجا جادا وحقيقيا يأخذ على عاتقه تغيير تلك الثقافة التي نشأ وتربى عليها المشمول بهذه الإجراءات، وبالتالي، سوآءا شعر الأخرون أم لم يشعروا فإن ثقافة البعث ستمضي معهم إلى تلك المؤسسات وستنخر الجسد العراقي من جديد.

لذلك فإن العمل وبشكل جوهري وجاد إلى وضع برنامج شامل وعميق لنشر الثقافة الوطنية الجديدة المناهضة والمغايرة لثقافة البعث، ودعم هذا البرنامج بشكل كامل وعلى جميع الأصعدة، هو الوحيد القادر على حماية التجربة الوطنية الديمقراطية في البلاد ؛لأنَّه سيكون الرادع المجتمعي القوي لمنع انتشار الفكر الاستبدادي لهذا الحزب المجرم شريطة أن يرتكز هذا البرنامج الوطني الجديد على ثقافة التوعية الشاملة للشعب العراقي جميعه، وبخاصة نخبته المثقفة وإتاحة الفرصة لهذه النخبة لتسهم وبشكل فاعل وعبر الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة وبرعاية منها في تسليط الأضواء وبشكل ممنهج علمي وموضوعي على الجرائم التي ارتكبها البعث المنحل وعبر العديد من الوسائل المعرفية المتاحة وفي مقدمة ذاك الكتابة والتأليف وإصدار المطبوعات التي تتابع الجرائم كافة، وفي مقدمتها جريمة المقابر الجماعية التي قل نظيرها في العالم، وجريمة تجفيف الأهوار البقعة الاكثر تفردا وجمالا وثروة وقتل وتشريد سكانها، وجريمة تهجير المواطنين والقائهم في البراري والصحاري على حدود الدول المجاورة ومصادرة مساكنهم وأموالهم، وجرائم الحروب وأضرارها الاجتماعية والاقتصادية، وجريمة عسكرة المجتمع، وجريمة تخريب النظام التعليمي والتربوي في البلاد إضافة الى الجرائم الأُخرى.

إنَّ إيجاد الثقافة الكفيلة بإزالة ثقافة البعث هي الضمان الأعظم للمحافظة على النظام الديمقراطي في العراق وتقويته وتنميته وهي السبيل الوحيد للتخلص من التركة الثقيلة والبشعة للنظام البعثي الدكتاتوري المباد.