صدام حسين و”جنون العظمة” مسعى الحكم الطاغي للسلطة والتسبب في الرعب
كرار عبد المهدي تويج
منذ القدم سعى المسؤولون والحكام إلى السلطة والهيبة، فقد كانوا يشعرون بالقوة والتفوق على الآخرين، ومع ذلك فإن هذا الطموح قد يتحول إلى وهم وحالة مرضية تسمى “جنون العظمة” وهذا ما حدث في حالة المقبور صدام حسين، الذي كتب بالدماء تاريخا مرعبا لشعبه وللمنطقة بأسرها.
شهد العراق تحت حكمه تجاوزات جسيمة وجرائم ضد الإنسانية، اذ تُعَد هذه الجرائم انتهاكًا فظيعا لحقوق الإنسان مما يُؤكد وحشية وفظاعة النظام القمعي الذي انتهجه صدام حسين، ولكن في الحقيقة هذا الزعيم كان مضطرب العقل، مصابًا “بجنون العظمة” بفعل وسائل الإعلام العراقية المسخرة لتمجيده ليلاً ونهاراً، وأحاطته بمجموعة من المنافقين والمتملقين، كما حاول صدام جاهداً ابعاد كل من لا يملك هاتين الصفتين (النفاق والتملق)، وعدم السماح بحالات النقد أو التوجيه أو الارشاد أو ذكر الحقيقة المجردة، مما دفعه الى تصديق ذاته بأنه معصوم من الخطأ، وبفعل العزلة السياسية والاقتصادية والثقافية التي حدثت بسبب الحصار ساعدته على الابتعاد عن الواقع، وتنامي حالته المرضية الوهمية التي يعتقدها.
لقد كانت صوره معلقة في كل شارع وزاوية، مما أدى إلى خلق جو من الخوف والرعب في المجتمع إذ أصدر أمراً بإعدام كل من يقوم بتشوية أو تمزيق أو تخريب صوره المنتشرة في الشوارع وفعلا نُفذَ هذا الأمر على عدة اشخاص ففي تاريخ 13 آب 1986 أعدَم شخصين قاما بتخريب صورته في ناحية أبي صيدا في محافظة ديالى وفي المكان نفسه الذي قاما بتخريب الصورة فيه! وفي ادناه الوثيقة التي حملت ذلك الأمر.
لكن لم يكتف البعثيين وزعيمهم المقبور من هكذا جرائم وانتهاكات، بل وصل بهم الحال بعد عدة محاولات لتخريب صور زعيمهم المنتشرة في الشوارع العامة لوضع حراس على كل صورة موجودة في الشارع أو في مؤسسة حكومية ومنع أي شخص من الاقتراب منها أو حتى لمسها، ففي إحدى مستشفيات الأطفال والولادة التي قام بزيارتها مدير إعدادية التمريض في بغداد بتاريخ 13 شباط 1991 حرص على التأكد من عدد “المقاتلين” الذين يقومون بحماية الصورة وقد بلغ عددهم اثنا عشر “مقاتل” حاملين أسلحتهم ويقومون بحمايتها ليلاً ونهاراً. كما جاء في الوثيقة ادناه: –
للتذكير…
وصل صدام إلى رأس السلطة وأصبح رئيساً للعراق عام 1979م، وبعدها بعام دخل حرباً مع إيران استمرت 8 سنوات، وقبل أن تمر الذكرى الثانية لانتهاء الحرب مع إيران غزا الكويت في أغسطس/ آب 1990م، ما أدى إلى نشوب حرب الخليج الثانية عام 1991م، وبسبب ولعه المريض في شن الحروب ضد جيرانه وإدخال العراق وشعبة في دوامه من الصراعات الدولية والإقليمية، ظل العراق بعدها محاصراً دولياً حتى عام 2003م، ألقي القبض عليه في ديسمبر/ كانون الأول 2003م، ليتم بعدها محاكمته بسبب الجرائم التي ارتكبها، ليصدر بحقه حكما بالإعدام، تم تنفيذه في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2006م.
كانت قرارات صدام التي اتخذها منذ 1980م حتى سقوطه في 2003م هي قراراته وحده.. وانه يتحمل كارثة من حصل للعراق وشعبه.
لذا، يجب على الجيل الجديد أن يتعلم ويفهم الحقائق المريرة حول حكم حزب البعث وزعيمه والعبر التي يجب أن نستخلصها من هذه المُدَّة المظلمة، يجب عليهم أن يدركوا أن الحرية والديمقراطية لا تأتي بسهولة، ويجب أن يحموا قيمهم الإنسانية وحقوقهم.