banarlogo

صفحات سوداء من معاناة المعتقلات في سجون صدام

صفحات سوداء من معاناة المعتقلات في سجون صدام

 

الأستاذ عبد الهادي معتوق الركابي

“وجوه النساء كلها مغطاة بالحجاب الإسلامي. وجميعهن تقريباً شابات. وجميعهن من الشيعة العراقيين. مصيرهن الفظيع ـ التعذيب الوحشي الذي تعرضن له وطريقة الإعدام الفظيعة المتعمدة ـ يجب أن يوضع على لائحة الأعمال البربرية التي قد يحاكم من أجلها صدام حسين..”.

النص في أعلاه [1]جزء قليل مما ذكره الصحفي روبرت فيسك الذي كان يعمل مراسلا لصحيفة “الإندبندنت” لشؤون الشرق الاوسط وقد أمضى أكثر من أربعين عاما (قبل وفاته عام 2020م) يغطي للحروب في المنطقة خصوصا لبنان وسوريا والعراق، فضلا عن رصده معاناة الشعب العراقي وخصوصاً النساء إبّان فترة حكم صدام حسين…

اغلب النساء اللاتي تحدث عنهن فيسك تعرضن للقتل على يد جلاوزة نظام صدام.. وخلال توثيقنا لجانب بسيط من معاناة النساء في عهد النظام البعثي الفاشي في العراق وجدنا الآتي: كانت النساء يجبرن على مشاهدة أزواجهن وهم يشنقون، وكن يتعرضن للحرق بالأسيد (حامض الهيدروفلوريك Hydrofluoric acid هو مركب كيميائي غير عضوي خطر للغاية. ويتكون هذا الحمض نتيجة إذابة غاز الهيدروفلوريك في الماء)، ويربطن عاريات بالمراوح السقفية، ويتعرضن للاعتداء الجنسي. وفي عدد من الحالات كانت النساء يتعرضن للتسمم أو يستخدمن مثل فئران التجارب لاختبار مواد كيماوية في مصنع قرب سامراء الذي يعتقد أنه كان يصنع أسلحة كيماوية… أسماؤهن ـ بل وأسماء العديد من جلاديهن ومعذبيهن أصبحت معروفة بعد سقوط هبل العراق..

أحد الجلادين ـ واسمه أبو وداد ـ كان يفاخر في وقت ما بأنه شنق 70 سجينة في ليلة واحدة في سجن أبو غريب خارج بغداد. وفي كثير من الحالات، كانت جريمة المرأة الوحيدة التي توصلها إلى حبل المشنقة أنها شقيقة أو زوجة أو ابنة لأحد المطلوبين الذين كان معظمهم من حزب الدعوة الإسلامية المحظور الذي كان أعضاؤه يتعرضون للتعذيب والقتل بشكل روتيني من قبل الحكومة البعثية.

 

فلقد تعرضت” سميرة عودة (أم إيمان)”، وهي زوجة الشهيد عبد الأمير، الى أشد التعذيب.. وقبل سميرة اعتقلت شقيقتها التي تصغرها “ليلى عودة” واستشهدت في أثناء التعذيب، وكذلك أعدم ثلاثة من أشقائها وآخرين من أشقاء زوجها بعد إعدامه.. ومن الذين قاموا بتعذيبها: الرائد مهدي الدليمي الذي كان يتفنن في تعذيب المعتقلين وكان مختصاً بكسر أضلاع القفص الصدري لضحاياه بأن يضربها بقدمه بقوة ويدوس عليها، وهذا ما ذكره الدكتور خلف عبد الصمد في شهادته أمام المحكمة التي شكلت لمحاكمة مجرمي النظام المباد.. وكذلك من هؤلاء المجرمين الملازم إبراهيم اللامي الذي هلك على يد أحد الابطال.. وغيرهما.. ولم تنتهِ حفلات التعذيب عند هذا الحد، فقد تم تحويل ام ايمان إلى مديرية الأمن العام في بغداد، إذ تعرضت للتعذيب أكثر لمدة 11 شهراً. وفي النهاية تمت محاكمتها أمام ما يسمى بمحكمة الثورة التي حكمت عليها بالإعدام شنقاً. وقضت ستة أشهر في سجن الرشيد غرب بغداد إلى أن تم نقلها إلى سجن أبو غريب وأعدمت على يد أبو وداد. هناك روايات كثيرة عن نساء وأطفال تعرضوا للتعذيب أمام الأزواج والآباء.

ومن روايات معاناة النساء أيضا، عملية تعذيب زوجة الشهيد محمد جواد الموسوي في عام 1982 على يد مجرم آخر من مجرمي أمن البصرة وهو الملازم كريم وكان الهدف من التعذيب الوحشي هو محاولة نزع الاعتراف من زو

 

جها المتهم بالانتماء لحزب الدعوة الإسلامية..

ومنهن أيضا سهام الديراوي زوجة الداعية (د.س) والغرض من التعذيب معرفة

 

عنوان زوجها الذي فشل المجرمون في القاء القبض عليه..

واعتقلت أحلام العياشي عام 1982 لإجبار زوجها (ع.ك) وهو أحد أعضاء حزب الدعوة البارزينعلى الاعتراف. وعندما رفض إعطاء معلومات للمخابرات، قام اثنان مختصان في التعذيب هما فاضل حميد الزركاني وفيصل الهلالي بمهاجمة أحلام أمام زوجها السجين وقاما بتعذيبها حتى الموت. وأعدم أيضاً ثلاثة من إخوتها.

واتهمت فاطمة الحسيني، ذات العشرين عاماً بإخفاء أسلحة لحزب الدعوة وأوقفت في بغداد عام 1982 وضربت بأسلاك بلاستيكية غليظة وعلقت من يديها في السقف بعد ربطها من خلف ظهرها وعذبت بالكهرباء والأسيد، وعندما رفضت الإدلاء بمعلومات تم إعدامها شنقاً في أبو غريب في 1982 ودفنتها أسرتها في النجف.

وجاء في تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش صدر عام 2002: “لقد ارتكبت حكومة الرئيس صدام حسين انتهاكات فاضحة واسعة النطاق، شملت الاعتقالات العشوائية للخصوم السياسيين المشتبه بهم ولأقربائهم، والتعذيب الروتيني للسجناء وإساءة معاملتهم.

[1] معاناة النساء تحت نظام صدام، روبرت فيسك. خدمة الاندبندنت، تاريخ النشر ٩‏/٢‏/٢٠٠٤…