أساليب التعذيب والجريمة البعثية
جريمة التعذيب بضرب الأعضاء التناسلية واتلافها وقطعها ح21
الأستاذ المساعد الدكتور
رائد عبيس
ما يكفي ألماً من هذه الجريمة، أنها مرتبطة بالحياء، والشرف، والعفة، والستر، والكرامة، والخصوصية، والفضيحة، والذلة، والإهانة البالغة، والانتهاك، والاغتصاب، والخزي، بالنسبة للضحية، ومرتبطة بفاعلي هذه الجريمة، بالخسة، والدناءة، والانتهاك، وانعدام الشرف، وانعدام الغيرة، وانعدام العفة، وانعدام الحياء. شملت هذه الجريمة المرتكبة من قبل البعث (النساء، والرجال، والأطفال، والصبية، والفتيات) من دون أي ضمير يحتكموا إليه باقترافهم إياها. وهي بالتأكيد واحدة من جرائم البعث البشعة التي لم يتسن لنا الاطلاع عليها أو سماعها بشكل دقيق لخصوصيتها، ولعله لم يتسن لضحاياها روايتها لمن يصدقها، أو لا يصدقها، أو من يستعد لسماعها، ونحن نسمع عتاب من لديهم جرح الماضي بما عذبوا، ولم يجدوا من يستمع لهم، أو يوثق لهم، فكثيراً ممن عاشوا تجارب مؤلمة مع البعث القاتل، ماتت ذكرياتهم وتجاربهم مع موتهم! أو مع موت أملهم فيمن يبدي استعداده لاستماعهم!
ارتبطت هذه الجرمية (جريمة التعذيب بضرب الاعضاء التناسلية واتلافها وقطعها) بالكرامة الإنسانية، لأن الكرامة البشرية فيها وحدة موضوع، فهي شاملة، ودائمة، وثابتة في الوجدان الإنساني حتى بعد موت الضحية. فهذه الجرمية مستنكرة أخلاقياً، وممنوعة قانونياً، في كل المواثيق والقوانين الأممية، ولا يمن أن نتصور أو نقبل بعذاب آدمي أو قتله بهذه الطريقة!
ولكن البعث الفاسد هنا أخترق كل قواعد الضمير الإنساني، وانتهك كرامة الإنسان العراقي كلياً، بمخالفته القواعد الدستورية والقانونية التي تنص (على أن كرامة الإنسان العراقي مصونة) وكما جاء في المادة الثانية والعشرين من دستوره المؤقت!! وكذلك خالف القوانين الاصلاحية، وقانون النزلاء العراقي، وأنظمة السجون! التي نصت على حفظ حقوق السجناء، واحترام حقوقهم، وصون كرامتهم، الا أن البعث كعادته، ضرب كل ذلك عرض الجدار! وأخذ يتعامل بوحشية، وبربرية، وسادية، مع كل معتقليه بتهمة، أو ظنة، أو شبة، أو جناية، أو جنحة، على أنها جرائم يستحق بها المعتقل انتهاك (شرفه) على وفق القاعدة العقابية البعثية.
كان انتهاك عفة المعتقلين من النساء والرجال، يبدأ من مرحلة الاعتقال، وأثناء الاعتقال، وأثناء التحقيق، وأثناء الإيداع في الموقف، أو السجن.
وتعد هذه الجريمة من الجرائم المسكوت عنها، لاعتبارات كثيرة، اجتماعية، وسياسية، وأخلاقية، وهي كذلك بالفعل، فكثير من ضحايا هذه الجرائم يتكتمون عليها شخصياً، مالم يحصل لهم أذى بائن، أو شهادة من شاهد.
فالنساء اللواتي تعرضن للاعتقال أو للحبس لمدة طويلة، كثير منهن طلقن من قبل أزواجهن، وهناك عوائل اعتقلت بناتهم فأنتابهم شعور العار والخجل، لنتيجة مسلمة عندهم، لما تتعرض له النسوة داخل السجون، من قبل عديمي الشرف من جلادي البعث.
والنسوة اللواتي اعتقلن تعرضن لأشد طرق انتهاك الشرف من خلال تعريتهن، أو العبث بأماكن عفتهن، مثل: تعريض أثديتهن للتعذيب بالكماشة، أو الكوي بالسكائر، أو حتى القص. نزولاً إلى نتف شعر العانة، أو كوي المهبل، أو تشويهه بأدوات حادة، أو حتى الصعق الكهربائي، فضلاً عن اغتصابهن حتى الأغماء، أو النزيف، أو التمزق، أو التلف، والتشويه، كل تلك الجرائم كانت تمارس بحق نساء ثيباً وأبكاراً، وحتى فتيات غير بالغات!
وكثير من ممارسات تعذيب النساء بهذه الجريمة كانت فيما يعرف بـ(سجون ساجدة) زوج الرئيس المجرم، الذي كانت تأمر وتشرف به على تعذيب ممن تعاقب من نساء المسؤولين، ومن تشاء تعذيبهن من نساء طبقات اجتماعية مختلفة، وكان يفرد لهن في هذا السجن زنزانات وغرف تعذيب، وتحقيق خاصة، يحصل بها التعذيب باستهداف أعضائهن التناسلية.
أما الرجال، فكان الأمر لا يختلف معهم كثيراً؛ فهم يَتعرضون في العادة إلى استهداف الأعضاء التناسلية، في التعذيب، من خلال ركل الجهاز التناسلي، أو التعذيب بشد الخصية بحبل أو خيط وسحبها بقوة حتى القطع!! أو شد الاحليل بحبل وجره بقوة حتى القطع، أو أدخال قطب معدني في فتحة الإحليل، أو صب الماء الحار على الجهاز التناسلي، أو الضرب حتى التلف، أو ثقب الإحليل ووضع حلقة به، حتى تمنعهم من البول! أو قطع الإحليل، أو اعطائهم مواد كيمياوية تسبب لهم العقم، أو الضعف الجنسي، وبعضهم مات من شدة الضرب على خصيتيه بالركل أو بآلة، بعد صراخات من شدة الألم. أو بتعذيبهم بتمرير قضيب كهربائي على جهازه التناسلي حتى الأغماء، أو الموت من شدة الألم الفظيع!! او قطع العضو الذكري، فضلاً عن عمليات الاغتصاب المتبادل الإجباري بين المعتقلين، وحتى الحرمان الجنسي – الذي يكابده السجين بعدم توفير الخلوة الشرعية له مع زوجته، كما معمول به في بلدان كثيرة مثل: السعودية – يعد ايضاً من وسائل التعذيب، وكذلك الإعراء الفاضح بقصد الأثارة الجنسية بين المعتقلين والمعتقلات، وإجبارهم على مشاهدة بعضهم بعض.
وتواترت شهادات الشهود في أمر المعتقلين من النساء والرجال، ممن عذبوا بهذه الطريقة، فكثير منهم أُصيب بمرض نفسي جرآء هذا الانتهاك الصادم لكرامتهم. أو الموت كمدا لهول ما تعرضوا له، أو ما تتعرض له نسائهم من تعذيب جنسي أمامهم، ورويت قصة رجل مؤمن وحاج كبير بالسن كان معتقل، ولما أتو ببنته إلى السجن وتم تعذيبها جنسياً أمامه ليجبروه على الاعتراف، شهق شهقة من هول الفعلة ومات!
وقد طال هذا التعذيب معتقلين كثر من رجال ونساء، بدوافع سياسية وغير سياسية، سواء مواطنين عاديين، أو مسؤولين، ومن نساء المسؤولين، ونساء من النخب المثقفة والمتعلمة، بقصد الأذلال، أو الدناءة، والعبث.
وبالتأكيد لا يمكن أن تصدر أوامر رسمية بمثل هذه الجريمة، بل أطلق لها عنان النوازع الشهوانية الإجرامية التي كان يتمتع بها مجرمو البعث الفاسد. فقد نالوا من شرف ضحاياهم بطرق شتى، وبأساليب قذرة، يندى لها جبين الإنسانية، والعروبة، والإسلام، والوطنية.