banarlogo

خصائصُ العملياتِ الإرهابِيَّةِ في العراقِ عام 2003م

خصائصُ العملياتِ الإرهابِيَّةِ في العراقِ عام 2003م

 

د. ثائر الخيكاني

 

مع دخول القوات الأمريكية للعراق قَدِمَتْ معها موجات من الجماعات الإرهابية، إذ بدأت تلك الجماعات بتنفيذ سلسلة متتالية من عمليات القتل، والتشريد، والتهجير للسكان على أساس طائفيٍّ ومذهبيٍّ، وكانت تهدف أساساً إلى تمزيق الوحدة الوطنيّة، وإشاعة الطائفيّة ليتسنى لها تحقيقَ أهدافها، وقد امتازتْ العملياتُ الإرهابيةُ في ذلكَ العامِ بشيءٍ من العشوائية فقد كانت السيارات المفخخة تنفجر في الاسواق والشوارع والمدارس والبنايات، فضلاً عن عمليات أُخرى على درجة عالية من التنظيم استهدفَت السفارات، والشخصيات الدينية والسياسية المؤثرة، وكان لهذه العمليات صدىً محليٍّ وعالميٍّ مؤثر، منها على سبيل المثال تفجير سيارة مفخخة يوم 7 اب 2003 قرب السفارة الأردنية في العاصمة بغداد مما أدى إلى استشهاد 11 شخصاً وجرح العشرات، فضلاً عن استهدف المرجع الديني آية الله محمد باقر الحكيم بسيارة مفخخة يوم 29 آب 2003 م مما أدى إلى استشهاده فضلا عن استشهاد 95 مصلياً كانوا يؤدون صلاة الجمعة في مرقد الإمام عليٍّ (عليه السلام)، كذلك استهداف مقر الأمم المتحدة بشاحنة مفخخة يوم 19آب عام 2003 والذي استشهد فيه 22 شخصا وجرح 100 آخرين، منهم عراقيون وأجانب ومن بين الضحايا ممثل الأُمم المتحدة آنذاك سيرجيو دي ميللو، إذ بلغ عدد العمليات الإرهابية لذلك العام (102)عملية تباينت هذه العمليات في توزيعها الجغرافي، وقوتها، والأسلحة المستخدمة فيها، وإنَّ نسبة 75% منها وقعت في محافظة بغداد كونها مركز ثقل سياسي وإداري وسكاني، وقد ركزت العمليات الإرهابية بشكل واضح على الأهداف ذات الطبيعة الدبلوماسية في محاولة لعزل العراق عن المحيط الدوليِّ والإقليميِّ، وسحب الشرعية عن النظام السياسي الجديد، فضلا عن استهداف الجماعات الإرهابيّةِ للرموز الدينيَّةِ المؤثرة كاستهداف مرقد الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، كذلك استهداف المرجع الدينيِّ آية الله السيد محمد باقر الحكيم زعيم المجلس الإسلاميِّ الأعلى، بهدف إثارة غضب السكان، وإشعال الفتنة الطائفية والاقتتال الداخلي بين مكونات السكان في المناطق المتنوعة.

ويلحظ من خلال تتبع سير العمليات الإرهابية في العراق لذلك العام أنَّها قد تنوّعت من حيث الأهداف والآليات تبعاً للمراحل الزمنية وتبعا للأهداف المراد تحقيقها، فضلا عن الدعم الذي تلقته المجاميع الارهابية من بعض عناصر البعث التي وجدت في تلك التنظيمات ضالتها، وقد حاولت مجاميع البعث استغلال العناصر الارهابية القادمة من خارج الحدود لتحقيق أغراضها المتمثلة بإنهاء العملية السياسية والعودة إلى الحكم الدكتاتوري.