banarlogo

البَعثُ وداعشُ فلسفةُ الدَّمِ وميراثُ الإجرامِ

البَعثُ وداعشُ فلسفةُ الدَّمِ وميراثُ الإجرامِ

أ.د. حسين الزيادي

 

 البعثُ حزبٌ طائفيٌّ شُوفِينيٌّ دَمويٌّ مناطقيٌّ عائليٌّ، تقوم عقيدته على استباحة الآخرينَ وسفك دمائهم، لا يعرفُ للرحمةِ معنى، ولا للعاطفة موقعاً، ولا للإنسانية سبيلًا، ولا للمواطنة قيمةً، لذلك لم يكن غريبا أن يعقد البعثُ اتفاقاتٍ دموية مع الجماعات المتطرفة من (سلفية مجاهدة) أو (قوى تكفيرية) تتشابه معه من حيث الرؤى والمنطلقات.

 لم تتوقف جرائمُ البعث منذ تأسيسه وحتى بعد سقوطه في 9 نيسان عام 2003، فالسلوكُ الإجراميُّ الّذي اختطَهُ نظامُ البعث تجسَّدَ لدى القاعدةِ وداعش، كما لا يمكن إهمالُ الدَّورِ التخريبي للّذينَ أُشرِبُوا نهجَ البعث، واستمروا عليه، وعلى مبادئه العفنة، وكوَّنُوا أحزابًا أو كياناتٍ بمسميات متعددةٍ تحملُ النَّهجَ والسُّلوكَ المنحرفَ نَفسَهُ، لذا سنتعرض في هذه المقالة لأوجه التطابق الفكري والسلوكي بين فكر البعث البغيض وفكر داعش الإجرامي، وعلى النَّحوِ الآتي: –

  • التكوين النفسي للسلوك الإجرامي لنظام البعث يتضح بشكل جلي ومعلن، ولا يحتاج لجهد في التحليل والاستنباط، فهذا رأسُ الهَرَمِ البعثيِّ يُصرِّحُ علانيةً بعد أشهر قليلةٍ من اغتصاب السلطة عام 1969م، وبصورة علانية وسط جمع من الناس في ملعب الكشافة تحديداً قائلاً: (لقد جئنا للسلطة بالدَّمِ، ولن نخرج منها إلَّا بالدَّم)، وهكذا يتضح انَّ مبادئ البعث منذ توليه السلطة تقوم على أساس الهوس بالدِّماءِ، والجريمة، وتصفية الخصوم، وفي مناسبة أُخرى يُصرِّحُ علي كيمياوي، وهو الرجل الثاني في نظام البعث، مخاطباً أزلامَهُ قُبَيلَ جريمةِ الانفالِ، وكما هو مثبت في الوثيقة الصوتية في ملف الأنفال – المحكمة الجنائية العراقية العليا قائلاً :- (سوف أقتُلُهُم جميعا بالأسلحة الكيمياوية، من عساه أنْ يعترض ؟ المجتمع الدولي؟ فليذهبوا إلى الجحيم، المجتمع الدولي ومن ينصت إليهِ، لنْ أُهاجِمهم بالمواد الكيمياوية يومًا واحدا، بل سأُواصلُ الهجوم عليهم بالمواد الكيمياوية لمدة خمسةَ عشرَ يومًا حتى أبيدَهم عن بكرة أبِيهِم).
  • تلتقي مبادئ البعث في الكثير من الممارسات مع تنظيم داعش، ومنها نظرية (الولاء والبراء) وهي نظرية سلفية تبنتها الجماعات المتطرفة، تقوم على أساسِ التفويضِ الإلهي أو الحقِ الإلهي في السلطة، وهذا لا يبتعد كثيراً عن منهج البعث الذي يقوم على مبدأ (الحزب الواحد والقائد الأوحد)، وفي الوقت الذي يرفض الخطاب الداعشي التعددية الدينية أو الفكرية ويعدّ كلَّ مخالفٍ له مرتدًا أو كافرًا نرى في الجانب الآخرَ أنَّ البعث يتَّهمُ كلَّ الحركاتِ المناوئة والمعارضة له بالخيانة والعمالة. إنَّ هذه الأدلةَ وغيرها كثيرٌ تُشيرُ إلى أنَّ الكراهية، والعنف، والقتل، وسحق الآخرِ هو الملتقى الّذي يجمع ُالفكرَ البعثيَّ والفكرَ السلفيَّ عموماً.
  • تطابقت جرائمُ البعثِ وداعش وتماثلت في القتل، والتعذيب، والتمييز العنصري والطائفي، والتهجير، والاغتصاب وتجنيد الأطفال، فضلا عن جرائم الحرب من احتلال المدن، واضطهاد المواطنين المخالفين والمعارضين، وحرمانهم من أبسطِ حقوقهم، فكانت تلكَ الممارسات تمثل نمطًا خاصًا في الوحشيةِ.
  • الجرائم التي نفذها البعث وداعش في العراق تُعَدُّ جرائمَ حربٍ، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادةٍ جماعيةٍ، وهذه الجرائم وإنْ اختلفت بيئتُها ووسائلُها فهي تشترك في قسوتها واستهانتها بقواعد القانون الدولي، وتمثل انتهاكاً صارخا لأبسطِ الحقوقِ الإنسانيةِ.

وتأسيساً على ما تقدم لا يمكن القول بأنَّ جرائم حزب البعث أقلُ من جرائم داعش كما يعتقد البعض، بل هي استنساخ وامتداد وتطوير لها من حيث وسائل التعذيب وإبادة الإنسان باستعمال منهجِ التخويف، والترهيب، والذعر لإذلاله وتخويفه لإطاعة الحاكم وأزلامه لأنَّهُما يستسقيان من منبعٍ إجراميٍّ واحدٍ.