انقلابُ 17 تموز الأسود (1)
دراسةٌ موجزةٌ في حلقاتٍ
الأستاذ عبد الهادي الركابي
الحقبةُ البغيضةُ من حكم حزب البعث في العراق لم تُكتَبُ فُصولُ مأساتها بالتفصيل، كما إنَّ خيوطَ المخطط الخبيث الموكول إلى حزبِ البعثِ الصليبيِّ لتنفيذهِ بتوجيهٍ من قبل دوائر الاستكبار العالمي لم يكشف عنها بعد أيضا، وهذه الدراسة تمهيٌد موجز لاستقراء مجريات الأحداث لتلك الفترة المشبوهة، وستأتي تكملتُها في حلقات لاحقةٍ..
في الساعة الخامسة من فجر ١٧ تمور أذاعَ حردان عبد الغفار التكريتي البيان رقم واحد من راديو بغداد، معلناً فيه نجاح الانقلاب، وصدرت عدة قرارات بإحالة كبار الضباط على التقاعد وتعيين أحمد حسن البكر رئيسا للجمهورية، وحردان التكريتي رئيساً لأركان الجيش وآمراً للقوة الجوية، كما تَمَّ تعيينُ عبد الرزاق النايف رئيساً لمجلس الوزراء، والّذي بدوره قدم أسماء أعضاء وزارته يوم ١٨ تموز إلى البكر، وصدرَ مرسومٌ جمهوريٌّ بتعيين هؤلاء الوزراء في المناصب المقترحة، وشغل الدكتور ناصر الحاني وزارة الخارجية، وصالح مهدي عماش وزارة الداخلية، وأصبح مجلس قيادة الثورة هوَ السلطة التشريعية والتنفيذية معًا، وقد ضمَّ الأشخاصَ الآتيةَ اسماؤهم:
- أحمد حسن البكر رئيساً.
- عبد الرزاق النايف عضواً.
- عبد الرحمن الداود عضواً.
- حردان التكريتي عضواً.
- حماد شهاب التكريتي عضواً.
- صالح مهدي عماش عضواً
- سعدون غيدان عضواً.
وبعد أنْ عَرفَ الشعب العراقي أسماءَ قادِة الانقلاب، ارتسمت على وجوههم الحيرة والقلق. فتولي البكر ومجموعته السلطة يعني نجاح الولايات المتحدة الأمريكية، وحسمها الأُمور في العراق لصالحها، وهذا يعني عودة حزب البعث الشمولي إلى السلطة، خصوصاً أنَّ بعض الأسماء من مجرمي الحرس الوطني الذي قاد انقلاب 8 شباط عام 1963..
الصراع على الحكم بدأ بعد البيان الأول:
أمَّا على مستوى المجموعة التي استولت على السلطة، فانّ الصراع على الحكم بدأ في الأيامِ الأولى لنجاحِ الانقلاب، وفي ضمن خطة مدروسة ومعدة مسبقاً، فقد أرسلَ البكرُ وزيرَ دفاعه الداوُدَ إلى الأردن ليتفقد القطعات العسكرية الموجودة في الجبهة الشرقية، ودعا رئيس وزرائه النايف إلى مأدبةِ غَداءٍ، وفي مساء اليوم نفسهِ ۳1-۳0 تموز أذاعَ البكرُ بياناً بصوته من راديو بغداد بإقصاء النايف والداود من مناصبهما، وصدر مرسوم جمهوري بإسناد رئاسة الوزارة إلى البكر، وأصبح حردان التكريتي نائباً لرئيس الوزراء ووزيرًا لدفاع، وصالح مهدي عماش نائبا لرئيس الوزراء ووزيرًا للداخليةِ، أمّا مجلس قيادة الثورة فأصبح على الشكل الآتي:
- أحمد حسن البكر التكريتي: رئيساً للمجلس
- صدام حسين التكريتي نائبا لرئيس المجلس
- حماد شهاب التكريتي: عضواً.
- حردان التكريتي: عضواً.
- صالح عماش: عضواً.
- سعدون غيدان عضواً.
والاعضاء الثلاثة الأوائل لا ينتمون إلى مدينة تكريت فحسب، بل هم أولاد عم ينتمون إلى عشيرة البيجات”، أما العضو الرابع حردان فهو من المدينة نفسها، لكنه من عشيرة أخرى، وتقلد أبناء عشيرة البيجات المناصب الرئيسة داخل الحكومة في الوزارات، والمراكز الحساسة داخل الجيش، وعلى الرغم من أنَّ أكثرهم لا يحمل حتى الشهادة الثانوية، مثل صلاح عمر علي التكريتي، وذياب العلكاوي التكريتي، غائب مولود مخلص التكريتي الّذين صاروا وزراء، وحماد شهاب عمر التكريتي، وبرزان التكريتي، وغيرهم من الذين صاروا قادة في الجيش وليس معروفاً في تاريخ الوزارات العراقية انَّها ضمت أكثر من وزير لعشيرة واحدة. “يتبع”