banarlogo

أساليبُ التَّعذيبِ والجريمة البعثية جريمةُ التَّعذيبِ والإعدامِ بالخازوقِ ح17

أساليبُ التَّعذيبِ والجريمة البعثية

جريمةُ التَّعذيبِ والإعدامِ بالخازوقِ ح17

الاستاذ المساعد الدكتور

رائد عبيس

 

لا يُمكِنُ ذِكرُ تاريخِ الإجرامِ بالتعذيب والإعدام من دون ذكر الخازوق، تلك الوسيلة التي تسابقت عليها الأنظمة في الاستعمال منذ القدم، وأختلف المؤرخون في التأصيل التاريخي لأول حادثة نُفِذَت بها. مثلما اختلفوا في نسب هويتها القومية، فمرةً تُنسبُ على أنَّها طريقة تعذيبٍ فارسية الأصل، ومرةً أُخرى ينسبونها للبابليين، ومرة ثالثة تنسب لليونان، وهكذا تتابعت الأقاليم على ابتكارها، وتطبيقها، وتقليدها، بل وجعلها في ضمن تشريعاتهم في قوانين التعذيب والإعدام في كثير من البلدان، ومنهم العراقيين البابليين القدامى، لا سيما في عهد حمورابي، الَّذي شرَّعَها في القانون، وهذا التشريع جعل كثير من المؤرخين يذهبون إلى أنَّ العراق سبَّاق في ابتكارها، وتشريعها، وتطبيقها على المجرمين، ومَنْ تَنالهم تهمة تستحق هذه العقوبة، وتُنسبُ أيضاً إلى مصر، وتنسب كذلك إلى فرنسا، وتناقلتها بالتقليد دول أوربية كثيرة في العصر الحديث، و بلدان كثر في الشرق، مثل: تركيا العثمانية، واليابان التي طبقتها في الحرب العالمية الثانية على الأسرى.

 لقد توارثَت الشعوبُ هذه العقوبةَ، وجعلتها العقوبةَ الأبرزَ في التعذيب والإعدام، والوسيلة الأسرع في التنفيذ لا سيما الميداني منه، إذ تكون قبل حفلات التعذيب التي تنفذ بأوامر الملك، أو الحاكم، أو القائد العسكري. وما جعل الأنظمة السياسية المتعاقبة عبر التأريخ تأخذ بهذه العقوبة وتنفيذها وتطبيقها لكونها ـ بحسب رأيهم ـ وسيلةً رادعةً؛ لأنَّ تنفيذها البشع وأمام الحشود من الناس، يشكل لديهم أمرًا مخيفًا، ومرعبًا، وقاسيًا، ربَّما يُحجِمُهُم عن التفكير فيما يزعج السلطة، ويهددها، ويخالف أوامرها؛ لذلك شمل تطبيق هذه العقوبة حتى الجلادين أنفسهم، وقادة عسكر، ومسؤولين في الحكومات، وثوار ـ مثل: قصة سليمان الحلبي الشهيرة – بل وحتى حكام.

شكل الخازوق والخوزقة:

 اختلفت عبر العصور أشكال الخازوق، فمنه الخشبي الرشيق، ومنه الحديدي الرشيق، ومنه الحديدي العريض، ومنه القصير، ومنه الطويل، تبعاً لأساليب الشعوب في الاستعمال، مثلاً اليابان، كانوا يستعملون عصى البامبو الرشيقة ليدخلوها في دبر الضحية ويخرجوها من فمه، أو من ظهره أو من بطنه، أو يدخلوها من فمه، ويخرجوها من دبره، أو من مكان آخر من الجسم. وإذا كان التعذيب للنساء، فيدخلون الخازوق من المهبل ويخرجوه من الفم أو من الرقبة أو من الظهر، فالسويديون مثلاً كان يتفننون في خوزقة الضحايا بإدخال الخازوق بين جلد الضحية وعموده الفقري ليبقى يتعذب لمدة أطول قد تستمر لأيام، إذا كانت هذه الطريقة البشعة تستعمل للتعذيب إلى جانب استعمالها للإعدام.

نظام البعث الخوزقي، أتبع هذه الطريقة، الَّتي ورثها من الظلمة والمجرمين عبر التأريخ ايضًا، وأضاف لها تقنيات جديدة، مثل: الطاقة الكهربائية – الخوزقة المكهربة، والقضيب المعدني المكهرب، وكذلك القناني الزجاجية، أو عِصِيَ معدةٌ لهذا الغرض يختلف حجمها وشكلها، أو جهاز مستورد صنع خصيصاً لتنفيذ هذه العملية بسهولة، فقد كان التعذيب الإجرامي بحق الأبرياء والضحايا بهذه الطريقة يشمل الرجال والنساء معاً، وأكثر التنفيذ كان في فتحة الشرج ويؤدي ذلك إلى تمزق أمعاء وأحشاء الضحية وتعذبه تعذيبًا شديدًا ومؤلمًا، لاسيما إذا كان بالقطب الكهربائي. وقد تتسببُ هذه الطريقة ليس في إلحاقِ الأذى الدائم بتكوين عاهةٍ جسديةٍ دائمةٍ وما شابه، بل بحالات نفسية مستعصية، وعقلية جنونية، فهذه الطريقة تُحدِثُ صدمةً نفسية كبيرة قد لا ينجو منها الضحية، ويكون مصيره الموت، هذا إذا كان الأمر مقتصرًا على التعذيب فقط، أمّا إذا كان الأمر بتنفيذ الإعدام، فيُتَبَعُ فيها طريقةٌ أقسى تُدمِّرُ أحشاءَ الضحيةِ فيموتُ بشكلٍ سريعٍ.

صورة توضح طرق الخوزقة