banarlogo

أساليب التعذيب والجريمة البعثية جريمة التعرية ح14

أساليب التعذيب والجريمة البعثية

جريمة التعرية ح 14

 

 

الأستاذ المساعد الدكتور

رائد عبيس

 

نصّت التشريعات العراقية على جملةٍ من الحقوق الدستورية والقانونية، بما يضمن حق المواطن العراقي في العيش والكرامة، ومنها دستور 1970 المؤقت الذي ذكر في (المادة 22) على أن (كرامة الإنسان مصونة وتحرم أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي والنفسي)، وتضمن هذا التشريع في قانون النزلاء والمودعين رقم 104 لسنة 1981 الملغى. وقبلها قانون الأمم المتحدة (قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين لسنة 1955) وغيرها من القوانين الملزمة لحكومة العراق محلياً ودولياً.

إلا أنَّ حزب البعث وسلوك عناصره الإجرامي، فاق كل التزام أخلاقي، وقانوني، ورسمي أمام هذه القوانين، وما تفرضه من حد ملزم في التعامل المحترم مع النزلاء، وأن قواعد التعامل مع السجناء، يفترض أنها تبقى ضمن حدود التعامل المهني مع السجناء، والمحبوسين، والموقوفين، لا التعامل معهم على أساس التهمة، والموقف السياسي، والدوافع الأخرى المتنوعة التي تفرضها ظروف السجن والسجانين، وهذا يوضح أن سجاني البعث تعاملوا مع النزلاء على أنهم خصوم، وأعداء، ومجرمون، وخونة! هذه الاتهامات أخرجت سياق التعامل المهني على أساس قواعد نظام السجون من حيزه القانوني وأدخلته في حيزه السياسي، وهذا أول اختراق لقوانين السجون وتشريعاتها، فالسجون السياسية معروفة أنَّها لم تكن تلتزم بأدنى قواعد الاحترام الأخلاقي والشرعي والقانوني والإنساني؛ لأن القواعد العقابية لا تستند إلى أي تشريع قانوني، ولأن السجون السياسية هي لا تشبه السجون العقابية الاصلاحية الأخرى، فقد نجد بها ما هو صادم للضمير الإنساني من أساليب تعذيب واقتراف جريمة. واحد من أبشع هذه الجرائم هي (جريمة التعرية) تعرية النزلاء بالقوة، وعقابهم وهم عراة، وتعذيبهم وهم كذلك، بل أن هناك سجونا وزنزانات تسمى “زنزانات العراة ” يتم بها تعرية النزلاء من ملابسهم تماماً، وإبقاؤهم تحت تأثير الأذى النفسي و الجسدي جراء التعرية في موسم الشتاء أو في موسم الصيف، أو تعريتهم جزئياً، فيتم ذلك بشكل فردي مع بعض السجناء أو بشكل جماعي، وهو الأمر الذي يزداد فيه الأذى النفسي بين السجناء، إذ يشعرون بالخجل، والفضيحة، والعار، والخزي، والإهانة، فمرة تكون تعريتهم داخل السجون، و أخرى خارجها، فكثيراً ما كانوا يبقونهم عراة لمدة طويلة داخل زنزاناتهم مع التعذيب أو من دونه، فيكون السجناء حينها يتسترون بأجسادهم مستدير ظهر أحدهم للآخر خجلاً من المنظر، ولم يكتف مجرمو البعث القاتل بذلك بل وصل بهم الحال إلى اتباع الأمر نفسه مع النساء، فيأمرن بخلع ملابسهن أو يقوم السجانون الرجال بأنفسهم بتعريتهن وسط أصوات الصراخ، والعويل، والصدمة، لما يتعرضن له، وما تمادى به البعث من كارثة أخلاقية داخل السجون وسط هذا المشهد يأتي مسؤولو السجن بالتلذذ بمشاهد أجساد تلك النسوة، وهم يعبثون بشرفهن وأجسادهن من دون رادع وخجل، فيدخلن زنزانات التعذيب وهن كذلك، أو يتم إنزاعهن في غرف تعذيب خاصة، إلا أن هول الصدمة عند الرجال والنساء معاً هو أن مجرمي البعث الفاسد، يعرون الرجال أمام النساء، والنساء أمام الرجال، ويدخلوهم في زنزانة واحدة لإحداث إهانة كبيرة وصدمة نفسية لدى الجميع، وبالفعل كثير من النساء والرجال عانوا من صدمة نفسية جراء ما يتعرض له شرفهم وشرفهن، ومثل هذه الحالة يتفق الرجال والنساء العراة بأن يتجه كل منهم بوجه صوب الحائط ويتجاورون بالظهر حياء وخجلاً ؛ لأن الزنزانة لا تتسع أحياناً لأعدادهم فيكتظون مع بعض فيحدث الاحتكاك الإجباري، والأمرّ من ذلك، فقد عمد هؤلاء المجرمون البعثيون إلى تعرية الرجل أمام الأخت، أم الأم، أو البنت! وحبسهم في زنزانة واحدة، أو الاعتداء عليهم، أو عليهن جنسياً، بعد تعريتهم فيكونوا مطمعا للنفوس الدنيئة لهؤلاء القتلة، وبهذه الحالة يكون البعث الفاسد قد اقترف جريمة أخرى إلى جانب جريمة التعرية ألا وهي جريمة الاختلاط الاجباري بين النساء والرجال، وجريمة عدم الالتزام بقانون التصنيف الذي يقضي بحرمة جمع الرجال والنساء في مكان واحد داخل المعتقلات إلا أن البعث تمادى باستنزاف كل القيم الأخلاقية في خارج السجون وداخلها وإذا نبحث بشكل دقيق نجد آلاف الخروقات القانونية في كل بند من بنود الاتفاقيات الحقوقية، والتشريعية المحلية.