banarlogo

أساليب التعذيب والجريمة البعثية جريمة التعذيب بإعدام وسائل الراحة ح 11

أساليب التعذيب والجريمة البعثية

جريمة التعذيب بإعدام وسائل الراحة ح 11

الأستاذ المساعد

الدكتور رائد عبيس

جرت العادة عند كثير من الأنظمة السياسية الديكتاتورية ألا تهتم كثيراً لوضع شعوبها في حياته الطبيعية بتوفير وسائل الراحة والرفاهية، فما بالك بتوفيرها داخل السجون والمعتقلات! تتدخل مثل هذه الحكومات وبشدة في الأشراف على تصميم السجون، واختيار مواقعها، أو تحوير المواقع المشيدة منها، بما يوافق سياسة هذا النظام، ويعبر عن قسوته، وشدة تحصيناته، وأمنيته، والمنشأة المرتبطة به.

وعند مراجعة تصاميم مثل هذه الأبنية المسماة (سجوناً) نرى أن المهندسين والجهات الطالبة لتلك التصاميم، مراعية كل الأبعاد التصميمية العملية والعلمية في التصميم. لا سيما تلك التي تتعلق بالبعد السيكولوجي في التعامل مع السجين، واستحصال حقوقه الطبيعية من قوانين السجون، وتصميم تلك البنايات التي صممت مراعية راحته النفسية فيها وممارسة نشاطاته داخل السجن.

فأغلب تصاميم السجون العراقية ملبية لمتطلبات المعايير الصحيحة هندسياً وتنظيمياً في استقبال النزلاء والمحافظة على حياة النزيل وسلامته العقلية والنفسية.

ولكن!

ما نجده في شهادات السجناء، وما وجدوه في تلك السجون وزنزاناتها، وما تلقوه من اهمال، وعذاب، وتعذيب، وما تعرضت له السجون من تحوير، وتغيير في التصميم، بما يلائم جرائم نظام البعث وقسوة سجانيه – شيء مختلف عن تلك الفرضيات الهندسية المراعية لأدق تفاصيل الكمال فيه، وما يحقق متطلبات السجانين والسجناء معاً. وجدوا اهمال كبير في تلك السجون! واهمال كبير في متطلبات السلامة الصحية فيه! ومتطلبات السلامة العقلية كذلك! ومتطلبات السلامة النفسية أيضاً!

فالهدف من وسائل الراحة التي يوفر التصميم وتوفرها إدارة السجون، هو لمراعاة الظروف النفسية للسجناء، واستثمار الوقت، وطاقاتهم البدنية والعقلية في كثير من النشاطات. مثل: البعد الحركي الذي يوفر لهم ممارسة نشاطهم الحركي في الرياضة، مثل: الملاعب وغيرها. وكذلك البعد الذهني في توفير الكتب، والقراءة، والتفكير، والتحفيظ، والابتكار، والتثقيف، وغيرها. والبعد الإجتماعي في توفير الأمان، والسلامة، واتاحة زيارة الاقارب، والأهل، والأصدقاء، ومشاهدة التلفاز، وسماع الأخبار عبر المذياع، وغيرها مما يتيح له التواصل مع العالم الخارجي.  وكذلك البعد النفسي والاهتمام به، مثل: توفير أجواء التهوية، والتعرض لأشعة الشمس، والراحة النفسية بالهدوء، والإنارة، وتوفير وسائل التهوية وغيرها.

ذكرت في قصص المعتقلين والسجناء تعرضهم للتعذيب عبر إعدام وسائل الراحة في السجون، ومنع تقديمها، أو المساعدة في إيصالها، أو توفيرها، سوء من قبل إدارة السجن أو من خلال متبرعين، أو من خلال الأهالي، أو من خلال جهد السجناء أنفسهم في توفير ما يمكن توفيره لتغيير واقعهم في تلك السجون وسد حاجتهم من الخدمات. فكان مثلاً: يقطع عنهم ماء الشرب، أو ماء الاغتسال، أو أطفاء التيار الكهربائي، أو أعطال أجهزة التهوية المفرغات، أو الغائها، أو عدم تجهيزهم بملابس تقيهم من برد الشتاء، أو يتمكنوا بها من التبديل أثناء الاغتسال، أو يمنعوا عليهم ما يوصله أهاليهم لهم من ملابس وطعام وأدوات أخرى، مثل: المذياع. والتي أدخلت بعضها عبر رشوة حراس السجون.

فضلاً عن الحفر الموجودة في أرضية السجون، وتشوه الجدران، أو ظلام بعضها، أو قوة إنارتها مما تزعجهم أثناء النوم، أو شدة حرارتها، أو شدة برودتها، أو بالصوت العالي، أو الأجراس وغيرها.

 فكانت طرق التعذيب عبر إعدام هذه الوسائل متعددة، ومتعمده، أعتمدها النظام البعثي القاتل إزاء المعتقلين، والسجناء، والمحبوسين.

ذكر جبار آل مهودر في روايته (القضبان لا تصنع سجنا) أن السجناء كانوا يستعملون علبة (لبن آب) كثرية مبتكرة، للتقليل مما يزعجهم من قوة الإنارة داخل السجن، فتمنعهم من النوم، وتسلب راحتهم.

فالتعذيب النفسي للسجناء ممنوع قانونياً، وغير موجود حتى التصميم المادي والإعتباري للسجون، هذا القانون الذي خرقه البعث ونظامه وسجانيه المجرمين، بحق أبناء العراق المعتقلين الأبرياء.