ataba_head
banarlogo

أساليب التعذيب والجريمة البعثية جريمة (الضرب المبرح) ح9

أساليب التعذيب والجريمة البعثية

جريمة (الضرب المبرح) ح9

الأستاذ المساعد الدكتور

رائد عبيس

مثلت هذه الجريمة خرقاً واضحاً لكل القوانين، والأنظمة، والأعراف، والتقاليد. إذ تمكن أولئك الذين تشبعوا بالسلطة البعثية وتملكوا نزعة الإستقواء، والإستعلاء وشهوة الإعتداء والإيذاء، من ممارستها سواء كانت بتوجيه مباشر، أو غير مباشر بحق الأبرياء من الضحايا المعتقلين وغيرهم.

وأسلوب التعذيب هذا خرجت عن كثير من سياقات التوصيف القانوني لدى البعثين، بكونها عقوبة تلقائية أعتادوا عليها عند اعتقال الناس.

خلفت هذه الطريقة الأجرامية (الضرب المبرح) دماراً نفسياً وبدنياً عند المعتقلين سجناء، أو محبوسين محكومين، من الأبرياء، أو ممن تنطبق عليهم نصوص قوانين حزب البعث.

وأهم سبب في هذا الأذى، هو أن لا توقيت معروف لحدوثه وممارسته بحق المعتقلين. وكذلك تنوع أدواته، مرة بالعصي ومرة بأخمس البندقية، ومرة باليد، وأخرى بالرجل ركلاً، أو حتى بالعض. فضلاً عن اختلاف مناسباته وأماكن ممارستها بحق الضحايا. سواء كان في غرف التحقيق، أو داخل السجن، أو في الممرات، أوفي قاعة المحاكم أوفي قاعات المعتقلات، أو داخل السيارات التي تنقلهم إلى أماكن أخرى، مثل تغيير مكان السجون، أو نقلهم إلى أماكن المحاكمة، أو إلى أماكن الإعدام، أو حتى أثناء نلقهم إلى المستشفى أوفيها.

كانت هذه الطريقة تشعر المعتقين الضحايا بالإهانة، والضعف، والإذلال، والإستسلام، والخيبة، واليأس، من الإنتقام لكرامتهم، أو من القدرة على رد اعتبارهم، أو من الدفاع عن أنفسهم. كان إلى جانب شعرهم بذلك يتمنون الخلاص من هذا التعذيب سواء بتوسل الجلاد، أو بالمكابرة والتوسل بالله سبحانه تعالى، أن ينجيهم، أو بالتوسط بعضهم ببعض، والتدخل لمنع أذى عن أحدهم يطاله هذا التعذيب بمشاهدتهم. ولم يكن جلادوا البعث المجرم يترددوا من الضرب على أي مكان بالجسد بأيديهم بـ(البوكس) أو بأرجلهم بـ (الركل)أو باستعمال أي وسيلة أخرى في ذلك.

أما الأعراض الظاهرة عن قسوة هذا النوع من التعذيب على المعتقلين، فكانت لا تخلوا من إحدى ثلاثة (أما الجنون، أو بالموت، أو التشويه الجسدي والنفسي) وقد طال هذا الأمر الأطفال، والنساء، والرجال، كبارهم، وصغارهم، شيوخهم، وكهولهم، مريضهم، وسليمهم، الأقوياء منهم والضعفاء، وسواء من لديه جنحة أو من الأبرياء. كلهم في وامة التعذيب المبرح الذي أطلق عنانه البعث القاتل لعناصره في التصرف مع المتقلين كيفما شاءت شهوتهم التعذيبية المازوخية السادية.

وقد عثر على كثير من رفات الضحايا أثار هذا التعذيب، أما بكسر الجمجمة أو ثقب في عظم أو في كسره أو تهشمه. أما الأحياء منهم، فقد بقيت ندوب جسدية، خلفت لهم ندوب نفسية، وتشوه الذاكرة، واقترانها المزمن مع كل ما يشابه ذلك التعذيب.

أن صلاحية التعذيب، والموت، المطلقة التي شرعها، وسنها النظام لأزلامه المجرمين، من أبسط شرطي بعثي إلى أكبر مجرميه، ومن أول بدايات حكم البعث، وحتى 2003 أو بعدها، جعلت من الحياة صورة مكتملة من الذل، والدمار الذي لحق بالعراقيين، وهم تحت سجونه وبين قيوده.