أساليبُ التعذيب والجريمة البعثية
جريمة التعذيب والإعدام بالتيزاب ح 8
الأستاذ المساعد
الدكتور رائد عبيس
جامعة الكوفة – كلية الآداب
استخدمت المعادن السائلة منذ العصور القديمة في مجالات مختلفة ,ومنها استخدامها كسلاح وأداة تعذيب في كثير من الدول وخصوصاً الدول الصناعية , وبعد انتشارها استخدمت كذلك من قبل الدول النامية , ومنها دول جنوب أسيا في بنغدلاش والهند وكمبوديا ,حيث وقعت أول حادثة هجومية باستخدامه في التاريخ المعاصر في بنغلادش عام 1967 وإيران عام 1979 , وبعدها في الهند عام 1982 وكمبوديا عام 1993 بعدها تصاعدت استخدامات المعادن السائلة والحوامض المعدنية في الاعتداءات والأعمال الإرهابية والتعذيب وغيرها.
ولعلها أكثرها شيوعاً هو التيزاب الاسم التجاري لحمض النيتريك أو ماء النار الذي يحمل الصيغة الكيميائية (HNO3).
استخدم هذا السائل من قبل نظام البعث المباد ,كوسيلة تعذيب ووسيلة إعدام.
فقد كشفت وثائق رسمية تؤكد هذا الاستخدام وبقرارات ومراسيم، والوثيقة المرقمة 117/11 في 30/8/1982 الخاصة بإعدام عائلة آل طعمة بالتيزاب المركز , وكما نص هذا المرسوم (الذي سوف نرفق نص الوثيقة في نهاية هذا المقال). إذ تعمّد النظام هنا في استعمال التيزاب المركز في تعذيب وإعدام خصومه من المعارضين أو حتى الأبرياء ممن تنالهم التهم جزافاً ؛ لأن التيزاب المركز له خاصية إذابة الأجساد تماماً، وقد شوهدت أحواض التيزاب الركز من قبل بعض المعتقلين الناجين ,كيف كانت ألوان هذه الأحواض مصطبغة بلون الدماء, وبقايا العظام والأجسام الطافية على سطح هذه الأحواض وربما حتى قطع من ملابسهم ومتعلقاتهم! لكثرة من يرمى فيها من الضحايا ويذابون فيها.
وأحواض التيزاب هذه كانت موضع تهديد وإرعاب لكل الضحايا الذين يهددهم بها جلادوا النظام ,فقد كانوا يعذبوهم نفسياً بها ويجلبونهم لمشاهداتها وما تحتويه.
عمد النظام القاتل إلى إبادة عوائل كاملة من خلال هذه الوسيلة فضلاً عن تعذيب المعتقلين أفراداً وجماعات, فكانت هذه العملية هي مصداق لتحقيق أجناس التعذيب وأدواته ويعكس وحشية هذا النظام في التعامل مع أبناء الشعب العراقي، منذ توليه السلطة ,وتذكر ورايات الشهادات المقربين من المرحوم عبد الصاحب دخيل أول من أُعدام بهذه الوسيلة من قبل زمر الإجرام البعثية عام 1971.