ataba_head
banarlogo

دور الإعلام البعثي في عدم استقرار العراق

دور الإعلام البعثي في عدم استقرار العراق

إعلام ما بعد 9 نيسان 2003 أنموذجاً

الباحث عبدالله خريبط رهيف

 

     سعت عناصر حرب البعث خلال فترة ما بعد سقوط الصنم إلى انهاك وإفشال أي عامل يؤدي لاستقرار بلاد الرافدين في كافة النواحي وعلى جميع الأصعدة ، ويبدو أن ذلك يرجع إلى اجندات عديدة عنصرية وطائفية واقليمية ، فضلاً عن عدم تقبلهم وانصياعهم للتغير السياسي الحاصل ما بعد أحداث نيسان2003 ، باعتبار الفئة السياسية الأكثر سواداً بحسب الاستحقاق الفئوي لا تتوافق مع مبادئهم ومناهجهم ومتبنياتهم العقائدية، حاملين أفكاراً وأهدافاً لا تتواءم مع ما يريده الشعب العراقي لا سيما وأنه مرّ بتجربة الخمس وثلاثين عاماً من حكم لا يعرف الرحمة أو الشفقة سوى الدم وغياهب السجون لمن خالفه الرأي ، فعيون البعث جاحظة على السلطة السياسية ومحاولاتهم جادة وحثيثة للوصول إلى مبتغاهم في إفشال كل ما من شأنه الوصول بالعراق إلى بر الاستقرار والأمان ، وسلب ونهب ثروات العراق ، من خلال دُماهم السياسية الموالية للحزب ودول الجوار المريدة بعراقنا سوءاً التي وصلت ببركة التوافق السياسي ، ونأسف بحرقة شديدة من بعض ساسة البلاد الذين يجاملون على حساب دماء شعبهم متناسين ما اقترفه البعث في ماضيه الأسود قبل ذلك الحين .

   ومن أهم العوامل السلبية المؤثرة في الساحة العراقية هو العامل الإعلامي الذي يمثل الصوت الصادح للبعث وإن لم يصرح علناً وأبرز تلك النماذج الإعلامية من القنوات الفضائية التي ظهرت في الأعوام اللاحقة لأحداث سقوط الصنم الناشئة من هروب أعضاء حزب البعث البارزين خارج البلاد مخافة محاسبتهم على جرائمهم التي اقترفوها بحق الشعب بأموال سرقوها من قوته ، وبمساعدة ومساندة بعض الدول المجاورة للعراق من خلال بثّ تلك الفضائيات داخل العواصم العربية والأجنبية مُتغنية بين الفينة والأخرى بالقائد الضرورة وإنجازاته البائسة ، وممارستها منهجاً دقيقاً يربط الأحداث الجارية بسياسات الدولة المتضامنة مع حزبهم المقبور، فضلاً عن نظرتهم السلبية مع نظرائهم من الفضائيات الإقليمية اتجاه التغيير السياسي الحاصل مستخدمةً التظليل الإعلامي في نشرات الأخبار ، فضلاً عن استخدام الأساليب الفنية الرخيصة للنيل من شأن الثوابت الأخلاقية والاجتماعية والعرفية لدى الشعب الرافدين، وإيهام المتلقي أن المجتمع الجنوبي مجتمعاً بدائياً جاهلاً لا يفقه من مظاهر المدنية شيئا مستغلين بذلك سذاجة وجهل بعض أفراد الشعب ، وللأسف معظم الفنانين العراقيين – حتى المحسوبين على الجنوب – سال لعابهم على الأموال التي تدفعها بسخاء تلك القنوات التي من ورائها جهات سياسية بعثية، ناهيك عن إثارتهم الفرقة والنزاع وعدم الاستقرار داخل المجتمع العراقي، مصورين لمتلقيهم بأنه لم تكن هناك في عهد المقبور أي دكتاتورية أو طائفية أو عنصرية، كأن الشعب الذي دفن تحت أديم بلاد الرافدين كان عبارة عن مزحة ! ، وكأن المقابر الجماعية هي لأُناس سعو لتخريب العراق لا لطلب حريته وتحريره من خفافيش الظلام ، يريدون بذلك حلم العودة إلى السلطة وتسنمهم مقاليد الحكم من جديد .

   لكن هيهات هيهات فإنَّ الشعب لن ولم يرجع لعصر العبودية والإذلال والظلم السابق بعد أن عرف سوء نواياهم وخبث سرائرهم ، والمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين .