ataba_head
banarlogo

دور الإعلام البعثي في سلب الهوية الوطنية

دور الإعلام البعثي في سلب الهوية الوطنية

إعلام ما قبل 9 نيسان 2003 نموذجاً

الباحث عبدالله خريبط رهيف

 على مدى خمس وثلاثين عاماً مضت عاشها العراقيون في ظل نظام البعث القمعي الدموي ، لم يكن بمقدور الشعب مشاهدة ما يجري حولهم من أحداث محلية أو إقليمية فضلاً عن الدولية لأسباب استحالة وجود وسائل إعلام مرئية مهنية حرة تغطي الأحداث سوى إعلام شغله الشاغل المدح والتمجيد والتغني بالسلطة التي يمثلها صدام الملعون ، وتنفيذ أهداف وأجندات حزب البعث من خلال شعاراتهم الزائفة القائلة (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)، إذ كان حزبه الملعون ومواليه من شراذمة الرفاق مسيطرون على كافة تفاصيل الاعلام الحكومي فلا يشمل المرئي فقط بل المسموع والمقروء أيضاً من أجل عدم اطلاع أو بالأحرى عزل العراق اعلامياً عن الدول المحيطة به، بل العالم أجمع فلا يسمح لأي عراقي امتلاك جهاز الستلايت أو ما يسمونه حينها (دش) لمشاهدة ما يدور حوله من احداث إقليمية ودولية، ولم يكتف بتحويل التلفزيون الرسمي إلى أداة لعرض أفكار حزبه الفاشي بل عمد نجله المجرم عدي إلى إنشاء قناة خاصة به تسمى قناة الشباب تستهدف ثقافة الشاب العراقي في محاولة لتغيير ثوابته الدينية والاجتماعية ومسخها بأدبيات جديدة لم يعرفها الشعب العراقي ، فضلاً عن استهدف الإعلام الصحفي إذ جير جميع الصحف اليومية والأسبوعية لنشر ثقافة ورؤية حزبه من خلال جريدة الحكومة الرسمية الجمهورية ، وتأسيس جريدة ناطقة باسم الحزب باسم الثورة وأخرى باسم وزارة الدفاع باسم القادسية وغيرها من النتاجات المقروءة التي كانت تستهدف فئات متعددة لكن بمضمون واحد هو تمجيد البعث الفاشي وسلوكياته وتبرير جرائمه بدأً في حربه الرعناء غير المبررة ضد جمهورية إيران الإسلامية المؤيدة علناً من الغرب وأمريكا ، والمعبر عنهم (بالفرس المجوس) إعلامياً في الأناشيد والاغاني الرائجة حينها التي تردد وتبث في التلفاز الحكومي ، التي أراد منها ضمناً إثارة نعرة الطائفية والعنصرية من خلال تصوير الشعب الإيراني كون السواد الأعظم منهم شيعة أنهم لم يدخلوا الإسلام تاريخياً إلا ببريق السيف وحدّ السنان شأنهم شأن جميع الأمصار والأقوام الذين دخلوا دين الإسلام طوعاً أو كرهاً كاليهود والنصارى، مروراً بتصرفاته العدوانية غير المدروسة بحرب اجتياح الكويت كونها المحافظة التاسعة عشر كما عبر عنها الهدام والتي أذهبت هيبة الجيش العراقي الذي كان يشار له بالبنان بأنه في مصاف جيوش العالم المتقدمة من خلال محرقة هذه الحرب التي سمها الامريكان عاصفة الصحراء.

  كل تلك الاسقاطات الإعلامية أدت – وهي نتيجة طبيعية – إلى صناعة ذاكرة عراقية مشوهة ومشوشة حول ما يجري من حولهم حينها.

  ان سعي النظام المقبور لمحاولة انتاج ثقافة بديلة عن ثقافة الشعب العراقي الاصيلة المحافظة التي تأسست على مبادئ الدين الحنيف واحترام حق الجوار الى إشاعة ثقافة عدوانية غير أخلاقية وسلوكيات لم يعهدها هذا الشعب بغية تشكيل جيل جديدة يحمل هذا الفكر الهدام، مما دفع باتجاه منع كل المظاهر الثقافية ذات الفكر الحر والمعارض لنظامه الشمولي، وأسس لرفض كل النتاجات الفكرية التي تخالف توجههم وافكارهم المنحرفة مثل تشجيع المقالات وقصائد الشعر التي تمجد بالصنم وأعوانه وإنجازاته الوهمية لخلق ذاكرة وهمية غير حقيقية.

  نحتاج اليوم إلى مراجعة كل المخرجات الثقافية الذي أُنتجت في تلك الحقبة السوداء ومحاولة دراستها علميا للخروج برؤية واقعية وتمييز الحقيقية من الوهم لفضح كل أوهامهم التي حاولوا زرعها في عقول الشباب ، فلا يزال الفكر البعثي المنحرف موجوداً هنا وهنا بعد سقوط الصنم وللحديث تتمه في قادم المقالات .