ataba_head
banarlogo

داعش الإرهابي كيان بعثي

داعش الإرهابي كيان بعثي

د. حسين علي عطوان الساعدي

وزارة التربية العراقيّة

    يُعد ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اختصاراً بــ “داعش” تنظيماً مسلحاً إرهابياً وأفكاره متشابهة بشكل كامل مع الفكر الوهابي، وفي وقت بسيط تشكل هذا الكيان السلفي بعد حل (تنظيم القاعدة الإرهابي).

 وتنظيم (داعش) من أخطر التنظيمات الإرهابية التي انتشرت في العراق والمنطقة بعد ثورات الربيع العربي في عام 2011 مستغلة حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وفي عام 2014 تفاقم وضع العراق تفاقماً كبيراً بسبب سيطرة المجاميع الإرهابية لعصابات (داعش) الإجرامية على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية بسقوط ثلاث محافظات تعد من أكبر محافظات العراق متمثلة بـ(الأنبار، نينوى، وصلاح الدين) وبعض القرى والأرياف التابعة لمحافظتي ديالى وكركوك، وارتكبت أبشع جرائم القتل والخطف والتفجير والتهجير منتهكة الأحكام والمواثيق الدولية الراعية لحقوق الإنسان فضلاً عن مخالفتها لشريعة الاسلام وكل الشرائع السماوية، وفي حزيران 2014 شارك الكيان الإرهابي أبشع جريمة إبادة جماعية اُرتكبت بحق طلاب وضباط وجنود قاعدة سبايكر وبعض المدنيين التي راح ضحيتها أكثر من الآلفين إنسان،  قتلوا جميعاً بأبشع الأساليب بداخل مبنى القصور الرئاسية وخارجها في مدينة تكريت التابعة إلى محافظة صلاح الدين ورميت جثث بعضهم في نهر دجلة ودفن البعض الآخر في مقابر جماعية، كذلك جريمة سجن بادوش عندما قامت عصابات داعش بعزل السجناء (الشيعة) على أساس طائفي وقتلهم رمياً بالرصاص ودفنوهم بمقابر جماعية، وغيرها من الجرائم التي أرتكبها هذا التنظيم الإرهابي منها مجزرة الضلوعية و مجزرة عشيرة البو نمر في الأنبار كذلك المجازر بحق الأقليات (الإيزيديين والشبك والتركمان والمسيح) بعد تعرضهم لإبادة جماعية خلت على أثرها مناطق كاملة من تواجد أفراد تلك الأقليات التي كانت تشكل سابقاً الأغلبية الساحقة فيها كسهل نينوى وسنجار وتلعفر وبعض القرى في كركوك وصلاح الدين، إذ قامت التنظيمات الإرهابية بالاستيلاء على تلك المناطق ومن لم ينجو قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية.

عندها جاءت فتوى المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف المتمثلة بالمرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني(دام ظله الوارف) بالجهاد الكفائي ضد هذه العصابات الإجرامية في 13 من حزيران لعام 2014 والتي على أثرها توقف التقدم الداعشي نحو المحافظات الأخرى وصولاً إلى محافظة بغداد إذ تطوع الآلاف من أبناء العراق الغيارى من محافظات الوسط والجنوب امتثالاً لأمر المرجعية دفاعاً عن بلدهم ومقدساتهم وعرضهم بتطهير ما دنسته هذه العصابات من الأراضي العراقية، وعلى أثر هذه الفتوة تم تشكيل هيئة الحشد الشعبي لتنظيم هذه الحشود من المتطوعين، لوقف سيطرة تنظيم داعش الإرهابي الذي استطاع بمدة زمنية بسيطة احتلال أجزاء كبيرة لمناطق مختلفة من العراق التي مارس فيها أساليب متنوعة كقطع الرؤوس واحراق الجثث وتفجير الأشخاص بشكل جماعي إضافة إلى إلقاء المدنيين من أماكن عالية وخطف النساء والمتاجرة بهن كالنساء الإيزيديات، وتجنيد الأطفال واخضاعهم لتدريب عسكري بما في ذلك على كيفية إطلاق النيران، وتدمير الأماكن ذات الأهمية الدينية والثقافية، وجُل هذه الجرائم تعد صوراً للجرائم ضد الإنسانية ضد الشيعة بالدرجة الأساس والأقليات والإيزيديين والتركمان والشبك وبعض من أبناء السنة.

   إن السلوك الإجرامي الذي اختطه تنظيم داعش يرجع إلى التركة الموروثة من نظام البعث البائد الذي مزق النسيج الاجتماعي للعراق وترك جراحاً عميقة ما زالت نازفة إلى اليوم، وما فعله داعش في حربه هو الأسلوب نفسه لنظام البعث البائد التي طبعت بطابعها الدموي تاريخ العراق الحديث، وان أغلب قيادات تنظيم داعش هم ضباط جيش صدام المقبور من الرتب الدنيا والعليا، وكان بعضهم مسؤولاً مباشراً عن شراسة أساليب النظام البعثي، وهذا يعني أن داعش صاحب الأيديولوجية السلفية المتطرفة تمكن من أن يستقطب عناصر حزب البعث لغرض تحقيق اهدافه من تنفيذ مذابح جماعية بحق المدنيين والعسكريين، وهذا ما فعله بعد تنفيذ الآلاف من العمليات الإرهابية ضد الأبرياء وعلى أساس ديني مذهبي.