ataba_head
banarlogo

جامعة صدام للعلوم الإسلامية والغاية من تأسيسها

جامعة صدام للعلوم الإسلامية والغاية من تأسيسها

د. قيس ناصر

باحث وأكاديمي

جامعة صدام للعلوم الإسلامية، هي نتاج منظمة المؤتمر الإسلامي الشعبي، التي شكّلها النظام البعثي أثناء الحرب العراقية-الإيرانية، من أجل بناء تجمع لاستيعاب الشخصيات المحسوبة على الاتجاه الإسلامي، الذين لهم سمعة محلية ودولية، لسببين: الأول/ دعم نظام صدام، والثاني/ نقد النظام الإيراني.

وقد عقدت المنظمةُ مؤتمرَها الأول في نيسان 1983 في العاصمة العراقية بغداد.

يتحدثُ مؤلف كتاب “الإكراه في الدين” عن أمين عام المؤتمر طيلة مدة الثمانينيات (بشار عواد معروف)، بالقول” كان مؤرخاً بعثياً علمانياً للإسلام، إذ قاد معروف الجهودَ البعثيةَ في المجال الإسلامي خلال الثمانينيات”. وبشار معروف يمكن وصفه بأنه من مؤسسي جامعة صدام للعلوم الإسلامية، ولكن ما علاقة النظام البعثي في العراق بالإسلام؟ وإجابة هذا السؤال مرتبطة بمعرفة الغاية من تأسيس جامعة للعلوم الإسلامية.

للإجابة عن السؤال سابق الذكر، يمكن الإشارة إلى مجموعة من الإجابات، بعضها ذكرها بشار عواد معروف، وبعضها ذكرها آخرون.

 ومعروف نفسه قدَّم إجابتين حول الغاية من تأسيس الجامعة، الأولى في لقاء له مع الشيخ الحويني وهو لقاء قديم مسجل على اليوتيوب تضمن أن الغاية من تأسيس الجامعة كما يذكرها هو (مكافحة التشيع) على حد تعبيره، ويذكر أنه تيمناً بصدام قد سُميت باسمه، من ثم صدر الأمر بأن يكون بشار عواد معروف رئيساً لها، وفي سياق اللقاء يسأله المُقدم الشيخ الحويني عن مصير الجامعة في وقت اللقاء، فيجيبه بشار معروف بأنها حالياً يُعينون فيها الروافض!!!، أما الرواية الثانية التي يقدمها بشار معروف نفسه في لقاء حديث مسجل على اليوتيوب مع د. حميد عبدالله، أن الغاية من تأسيس الجامعة هو التوفيق بين المذاهب الإسلامية !!!!

وبالرجوع إلى اللقاء الذي أجراه مؤلف كتاب “الإكراه في الدين” مع بشار معروف في سنة 2011 كما يذكره في كتابه بالقول ” كان بشار معروف يكُن احتقاراً للتشيع على نحو سري، وكتب عدداً من المقالات الجدلية ضد الشيعة، تحت الاسم المستعار محمد البنداري”، وعلى الرغم من طائفية معروف إلا أنَّ النظامَ البعثي قد وجد فيه ضالته لتسويق نظامه في المجال الإسلامي من خلال معروف وجماعته في منظمة المؤتمر الإسلامي الشعبي.

كانت أجهزةُ النظام البعثي، ولا سيما جهاز المخابرات، يدرك خطر معروف وجماعته في إثارة الطائفية تجاه الشيعة بشكل علني، فهذه الأجهزة على الرغم من أنَّها قد ارتكبت أبشع الجرائم ضد الشيعة في العراق، إلا أنّها وجدت في معروف وجماعته تهديداً للأمن المجتمعي، ونقلاً عن هيلفونت، فقد تضمن أحد تقارير مدير المخابرات العراقية لعام 1988، القلق إزاء سلوك معروف وجماعته.

ويمكن ربط هذا التقرير بسبب رفض جهاز المخابرات لمقترح إنشاء كلية أو جامعة إسلامية تابعة لمجموعة معروف (المؤتمر الإسلامي الشعبي) وهذا ما يذكره معروف نفسه في لقائه مع د. حميد عبدالله، الذي أشار فيه إلى أنَّ جهاز المخابرات ومجموعة من الوزارات رفضوا طلب إنشاء جامعة إسلامية، وأن الموافقة جاءت من صدام نفسه في وقت لاحق.

وفي سياق آخر ليس بعيداً عن السياق الطائفي، أن الغاية من تأسيس جامعة صدام للعلوم الإسلامية، هو صناعة قيادات إسلامية بتوجه بعثي، بعد أن وجدوا بعض أئمة المساجد غير خاضعين لرؤية نظام البعث، مما دفع النظام للتحضير للمرحلة القادمة (المرحلة الإيمانية) في تسعينيات القرن العشرين، التي أظهرت خطباء كانوا مثاراً لسخرية المواطنين بسبب ترويجهم لما يريده النظام البعثي في وسائله الإعلامية من قنوات تلفزيونية وصحف ومجلات.