banarlogo

المقررات الدراسية لكيان داعش الإرهابي.. منهج الولاء وسبل التطرف

المقررات الدراسية لكيان داعش الإرهابي.. منهج الولاء وسبل التطرف

أ.د. حسين الزيادي

عملت قيادات تنظيم داعش الإرهابي على بث الأفكار المتطرفة في الجيل الجديد منذ اليوم الأول لوجود التنظيم بهدف تربية جيل كاره للحياة، ناقم على العالم، مكفّر للآخرين، مستعد للموت بأية لحظة، مدمن لثقافة القتل والتفجير، ولم يكتفِ التنظيم بالمادة العلمية المحشوة باحترافية فائقة بمجموعة من الأحاديث والآيات المنزوعة من سياقها، بل وأطلق تنظيم داعش مسميات مثل ديوان التعليم بدلاً من وزارة التربية والتعليم، والإعداد البدني بدلاً من التربية الرياضية أو البدنية، في إشارة منه أن الهدف هو إعداد الطالب أو التلميذ ليكون مشروعاً استشهاديا، فضلاً عن  حذف بعض المناهج لمخالفتها الشريعة الإسلامية بحسب رؤيته، مما يعكس انحرافاً كبيرًا في العقلية الإرهابية .

 أعدت المناهج التعليمية للتنظيم المتطرف بما يتلاءم مع الأفكار والعقيدة الوحشية المتطرفة للتنظيم فهي أكبر من مستوى التلميذ وقابلياته، وتوضح الدراسة مدى إدخال التنظيم لأهدافه وغاياته في جميع المواد التعليمية، بما فيها المواد العلمية والأدبية، فضلاً عن المواد الدينية وأبرز مخاطر تلك المناهج السيّر الذاتية للانتحاريين التي تناولتها المناهج بأسلوب مشوق يبعث على الرغبة في التقليد لدى الطلبة والسير وفق مسيرتهم، وعموماً يمكن إبراز بعض النقاط التي امتازت بها تلك المناهج بشيء من الاختصار:

  1. المناهج الدراسية لداعش هيتعليم للإرهاب بطريقة مباشرة وغير مباشرة وتحريف فريد من نوعه للمفاهيم الإسلامية وتعدً هذه الجماعات نفسها المعقل الوحيد والحقيقي للإسلام والممثل الشرعي له، وهي بذلك تكفر جميع من يخالفها بالرأي بلا استثناء.
  2. يسعى التنظيم المتطرف جاهداً على سرد قصص وأحداث من التاريخ الإسلامي؛ لأنها أقوى في التأثير والاستدلال، خاصة إذا كانت القصص والأحداث معززة بالآيات القرآنية التي يحاول التنظيم تفسيرها وفق هواه أو الأحاديث التي تُنسب إلى النبي صلوات الله عليه، ويستغلّ التنظيم إلى أقصى حدّ ممكن أي نموذج يمكن أن يعثر عليه، ويستعير بعض الحوادث المعزولة التي لا ينبغي اتّباعها كقواعد، ويستخدم قصصاً ليس بهدف مناقشة فكرة دينية دائماً: فقد يتم تقديمها لمساعدة أفراد التنظيم الذين يعانون صعوبة في ارتكاب أعمال شديدة العنف.
  3. يٌقسم المنهاج الداعشي على عدّة مواد وهي: الإعداد البدني، مادة القرآن الكريم، اللغة العربية، عقيدة المسلم، الحديث النبوي، الآداب الشرعيّة، العلوم، السيرة النبوية، الرياضيات، اللغة الإنجليزية، الجغرافية والتاريخ، وتشترك جميع المواد بمقدمة عامة تنوّه إلى أن هذه المناهج وضعت في ضوء  الكتاب والسنّة النبوية بعيداً عن أي مؤثرات، وأن الهدف منها هو إعداد جيل مؤمن بالتعاليم الجهادية مضحي بنفسه في سبيل تمكين الفكر المتطرف حيث يتم معاملة الطالب من خلال ثلاثة اتجاهات الأول هو حشو رأسه بالكراهية والاستعداد للموت والانتحار، والثاني عملي من خلال تدريبات عسكرية قاسية، والثالث نفسيّ، حيث يتمّ زجّ الطفل في الميادين والمعارك.
  4. عمد التنظيم لوضع صورٍ لراياته وأشكال سوداء لعناصره يقومون بحركاتٍ قتالية صعبة، وتكاد لا تمرّ بضع صفحات من أي كتاب دون وجود مربع بارز يوضح مبادئ ومفاهيم التنظيم مع وجود الكثير من صور الأطفال المسلحين والأسلحة بمختلف أنواعها في جميع المواد الأدبية والعلمية والدينية، حتى في أمثلة مادة الرياضيات اعتمد التنظيم على إعطاء الأمثلة التي تنم عن نزعته العدوانية من خلال إعداد القتلى ومجاميع للقذائف والصواريخ والاطلاقات.
  5. اعتماد التنظيم على مسميّات كالنصارى، والكفّار، والملحدين، والمرتدّين، والنصيرية، والصفوية والصليبيين وغيرها من المسميّات التي يطلقها التنظيم على من يخالفه الرأي.
  6. يقسم التنظيم المتطرف الآخرين على شرائح مختلفة يجمعها الكفر والظلال وهذا يتضح من خلال الكلمة الافتتاحية التي وضعها تنظيم داعش في أولى صفحات كتبه والتي تتضمن: (فإنَّه بفضل الله تعالى وحسن توفيقه، تدخل الدولة الإسلامية عهداً جديداً، وذلك من خلال وضعها اللبنة الأولى في صرح التعليم الإسلامي، على منهج الكتاب وهدي النبوة وبفهم السلف الصالح، وبرؤية صافية لا شرقية ولا غربية، بعيداً عن الأهواء والأباطيل، وأضاليل الاشتراكية الشرقية، أو الرأسمالية الغربية، أو سماسرة الأحزاب والمناهج المنحرفة في شتى أصقاع الأرض)، وهذه المقدمة تفصح بجلاء عن ظلال المناهج الدراسية السابقة بحسب الرؤية المتطرفة.

إن الأجيال التي تمكنت منها داعش بحاجة ماسة لبرامج تأهيل نفسي واجتماعي متطورة للأخذ بيد هؤلاء الأطفال للاندماج مجددا بمجتمعاتهم، إلا أن تحريرهم من تأثير الأفكار المتطرفة سيكون مهمة ليست بالسهلة.