ataba_head
banarlogo

أساليب التعذيب والجريمة عند نظام البعث القاتل جريمة الإعدام بالرصاص ح3

أساليب التعذيب والجريمة عند نظام البعث القاتل

جريمة الإعدام بالرصاص

ح3

 

الأستاذ المساعد الدكتور

رائد عبيس

 

منذ إن اكتُشِفت آلة إطلاق الرصاص وصناعته، وتطورت معها آلات استخدامه بشكل واسع شكلت منعطفاً كبيراً في تطور وسائل الحرب، والمواجهة والتنفيذ العسكري، والإعدام الميداني تبعاً للوسائل والإمكانات التي ساعدت عليها تكامل هذه الآلات مثل: اكتشاف البارود، وقوة السلاح، وسهولة الاستعمال، والجودة، والسرعة في الاستخدام، بين مسافات قريبة وبعيدة، فالاستعمال المفيد لآلات اطلاق الرصاص تحدده عناصر كثيرة منها الحق في الدفاع عن الوطن، والعرض، والمال، والنفس أما الاستعمال السيء تحدده أيضاً عناصر كثيرة منها : السطوة، والاعتداء، والطمع، والعبث، والتهور، ونزعة القتل، والعدوان، والإجرام.

فكثر القتل وسهل عمله على يد المجرمين، بفعل التطور الذي طرأ على هذه الآلة عبر أجيالها المختلفة.

أما إذ كان الإجرام على يد السلطة، والحاكم المتهور، والقائد المجرم فالآمر يكون مختلف كثيراً، بالنوع والكم، وتكون لآلات إطلاق الرصاص استخدام مختلف ونوعي، تزداد فيه الوفرة، والنوعية والصناعة، والتجنيد الواسع لاستخدامه ضد من يواجه السلطة، أو عندما تنزو السلطة بدافع شهوة الاعتداء، والاستعمار، والتسلط.

نظام البعث القاتل، حاله كحال بقية الأنظمة القاتلة التي استعملت الرصاص بوصفه الوسيلة الأسرع، والأوسع في تنفيذ الجرائم وكان لجريمة الإعدام خارج نطاق القوانين القضائية العراقية تعد شيئاً مألوفاً لدى نظام البعث، وهو الذي سجل ما يقارب 47 مادة إعدام لم تنص عليها القوانين العدلية العراقية ولم تألفها، كان أبرزها هو (الإعدام بالرصاص) على أتفه الأسباب وأسخفها، وهو الذي مكّن كل أعضائه المجرمين من الاستخدام المطلق في إطلاق الرصاص في ما يستحق وما لم يستحق، وبما أننا ذكرنا أنها (جريمة الإعدام بالرصاص) فبالتأكيد أنها غير مستحقة؛ لأنهم مجرمون ومعتدون.

قد تختلف جريمة الإعدام بالرصاص عن غيرها من جرائم العقاب التعسفي الذي يمارسه البعث باطلاً بحق العراقيين وغيرهم ولعدة أسباب وميزات منها:

  • سهولة حمل سلاح الرصاص، مثل: المسدسات والرشاشات، وهذا كان بدوافع عسكرة المجتمع، والتسليح لأبسط أعضاء البعث.
  • سهولة الاستخدام عن مسافات قريبة وبعيدة.
  • قد تكون الوسيلة الأرخص ثمناً قياساً مع أنواع أخرى من الأسلحة.
  • وفرة الإطلاقات (الرصاص) وسهولة حملها.
  • سهولة التوجيه صوب الضحية بكل أنحاء الجسد، وبحسب قصد الفاعل بين قصد القتل، أو قصد الإعاقة، أو قصد الإخافة والإرهاب.
  • سهولة التنفيذ في ميادين مختلفة، وأين ما ظُفر بالضحية في مكان العمل، في السوق، في المعتقل، في ساحات المواجهة، في أماكن الاحتجاز، وعند المداهمات، في ساحات التدريب، وفي ساحات المعركة والمواجهة… وغيرها.
  • لعلها الوسيلة الوحيدة بحسب علمنا كان البعث القاتل يُطالب أهل الضحية بدفع ثمنها عند استخدامها بحقه في تنفيذ عملية الإعدام.

مع العلم أن سعر الطلقة الواحدة (الرصاصة) رمزي، ولكن يريد النظام وتأكيد منه على أن الضحية تافهة وغير ذات قيمة حتى لا يساوي سعر إطلاقة، وهذا يكون مع قرارات الإعدام بالرصاص المكتوبة، مع العلم هناك حالات إعدام كثيرة وتقدر بعشرات الآلاف من حالات الإعدام الميداني رمياً بالرصاص غير موثقة بقرارات قضائية أو حزبية مكتوبة، وأصبحوا هؤلاء الضحايا في عداد المفقودين.

الرصاص والضحية

كيف يوجه الرصاص صوب الضحية؟

كشفت أساليب أعضاء نظام البعث القاتل نزعة دموية وحشية للغاية، تمثلت بحالات التشفي، والتمثيل بالضحية، والاستهداف المُشبع لنزوة القتل، والمنتقم بلذة القتل، وإشفاء الغليل بالضحية المنتقم منها.

فكانت توجيه اطلاقات الرصاص بحسب إرادة القاتل وبحسب ما يُعتقد أنَّها مؤذية، وقوية، ودقيقة بالتصويب، والإيلام للضحية، فمثلاً صوب الرأس، أو صوب القلب، أو كسر العظام، أو تمزيق الأعضاء، والأحشاء الباطنية.

وكان يُستهدف من الرأس عند توجيه إطلاقات الرصاص، منطقة الجبهة، أو الأذن، أو في داخل الفم، أو بالعيون، أو في قفا الرأس، أو في الجبهة العلوية منه، أو يُرمى بشكل عشوائي اتجاهه.

أما فيما يوجه لجهة الصدر، أو البطن، فيستهدف بالعادة وبكثرة منه القلب أو يُصوب أيضاً وبشكل عشوائي منطقة القلب أو الصدر، أو البطن بشكل مباشر أو غير مباشر.

أما منطقة الظهر، والعمود الفقري، والعظام وكسرها، فعادة ما يكون فيها الموت غير مباشر، وقد يدخل الضحية في مراحل الموت السريري عبر الشلل، أو الالتهاب، وتعطيل وظائف الجسد حتى الموت.

 وقد لا يختلف هذا الإجراء مع النساء كما الرجال، ومع الأطفال كما المسنين، ولا مع المرضى كما الأصحاء منهم وقد تم تنفيذ جريمة الإعدام بالرصاص بحق نساء شابات ومسنات، وكذلك مرضى بحالة عجز، وبعضهم رقود في المستشفيات حملوا إلى المعتقلات، ونفذ بهم تلك الجريمة، وكذلك أطفال رضع وأطفال بعمر المدارس ودون سن البلوغ.

 فالتعامل بالرصاص والتنفيذ به لأحكام الإعدام القضائية وغير القضائية، يعد تجييرا للقضاء لصالح نظام البعث ضد حق المواطن، ويعد نهجاً ثابتاً عند عناصر البعث القاتل منذ أن هيمنت النزعة الدموية للبعث على العراق، وحتى بعد زواله إذ مارس أعضاؤه من الحرس الجمهوري، والخاص، وفدائيي النظام ورجالات الإعدامات، والقتلة، أبشع جرائم في استخدامهم الرصاص كوسيلة إعدام جماعية وفردية بحق العراقيين، لا سيما من اتخذوهم عدواً مباشراً لهم من الشيعة، ومن تحالف معهم سياسياً بعد 2003.