banarlogo

انتفاضة الضمير

                                 انتفاضة الضمير

 

                               د.نصير كريم كاظم

 

تتعدد الأسبابُ والنتيجة واحدة، هذا ما لمسناه في قضايا كثيرة تخص الواقع العراقي تحديدا إبّان حكم النظام البعثي الفاشي، ومن تلك الأسباب ما أفضت إلى اندلاع انتفاضات شملت شمال البلاد وجنوبه، ومنها الانتفاضة الشعبانية.

إذ لم يكن الوضع الاقتصادي المتدني وفقدان الرفاهية بكافة أشكالها مضافاً إلى آثار الحروب التي كانت رهانات خاسرة للبعث المقبور، فضلاً عمّا عاناه الشعب من تمييز طائفي وعرقي من قبل السلطة الحاكمة هي وحدها كانت سبباً مباشراً لقيام ثورة الشعب المظلوم بل كانت هناك رغبة تدور في ضمير كل عراقي حر شريف يحاول التخلص والتحرر من كابوس الظلم والفساد المتمثل بالهدام وأعوانه.

وهذه الأسباب ليست وحدها من أدت إلى شرارة الانتفاضة الشعبانية المباركة كما هي التسمية الشائعة لدى معظم الشعب العراقي أو (صفحة الغدر والخيانة أو ثورة الغوغاء) كما يصطلح عليها النظام الصدامي المقبور في إعلامه الرسمي، بل هنالك الكثير من الأسباب ساعدت على اندلاعها لا يسع المقام لذكرها.

في مطلع التسعينات من القرن الماضي عام 1991 وفي مغامرة أخرى رعناء وفي قرار غريب دخل دولة الكويت، التي كانت من تداعياتها انكسار الجيش العراقي الذي كان يشكل من أوائل الجيوش العربية عدةً وعدداً وتنظيماً في معركة أقل ما يقال عنها أنها خاسرة، إذ بدأت شرارة الانتفاضة المباركة من البصرة الفيحاء، ثم تلتها الناصرية لتنتشر كالنار في الهشيم لتشمل أربع عشرة محافظة عراقية خلال ما يقارب خمسة عشر يوماً، معربةً عن صفحة جديدة في تاريخ العراق، إلا أنه لم تكن هنالك خيارات مفتوحة غير خيار الدم لتحرير العراق وهو الخيار الوحيد حينها أمام الشعب العراقي المضطهد .

وفي المقابل كان ردّ فعل السلطة البعثية الظالمة قمع كل صوت ينادي بالحرية أو يساعد على إبادتها بأي شكل من الأشكال، حتى طالت واتسعت لتشمل المراقد المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء أبي الأحرار مما أدى إلى اعتقال الكثير من طلبة واساتذة الحوزة في المدينتين الأمر الذي دعا الكثير منهم إلى مغادرة البلاد خلسة، وحل الخراب في معظم أرجاء المدن القديمة بل حتى القصبات، ومن أبرز ما يذكر جرأتهم على ضرب القباب الشامخة للأئمة المعصومين عليهم السلام .

        وكانت تلك الانتفاضة أفضل مسوّغ وذريعة لنظام البعث المقبور وزبانيته لاتخاذ أبشع الجرائم بمختلف الوسائل بحق شعب ليس له مطلب سوى الحرية والتحرر من قيود الاذلال والظلم، حتى وصلت النوبة إلى استيراد أحدث وسائل التعذيب الجسدي والنفسي لمعارضي النظام، يقابله صمت دولي واقليمي مقصود حينها .

        ورغم تلك الأحداث المريرة التي طالت آلاف بل مئات الآلاف من العراقيين ولعل ما يخفى عن العلن من ضرر أصاب المعارض وذويه حتى وصلت لأقاربه ليمتد ويشمل بضع الملايين من العراقيين، إلا أنه أسس النواة أو البذرة الأولى لتنمية روح مقاومة  الظلم والاستبداد في عراق الرافدين.

وتنوعت مظاهر الإجرام والعنف ضد المنتفضين من أبناء الشعب العراقي والعزل منها:

  • التمثيل بجثث الشهداء العزل بعد إعدامهم.
  • قتل الناس وهم جرحى في المستشفيات.
  • قتل الناس أمام أهلهم وترك جثثهم معلقة أمام بيوتهم.
  • رمي المعارضين للنظام من علو شاهق بواسطة الطائرات المروحية ليصل إلى الأرض ويموت.
  • قتل المعارضين بربط أيديهم وأرجلهم ووضع ثقل ورميهم في النهر.
  • قتل الأطفال والنساء في البيوت التي يشتبه أنها اشتركت في الانتفاضة.
  • إحداث مقابر جماعية في عدة مناطق من العراق وبلغ تعداد المقابر الجماعية بالعشرات.
  • قتل آلاف الناس بإطلاق النار من دون تمييز في المناطق السكنية.

– استخدام الحوامات (الهليكوبترات) لقتل الناس العزل الهاربين من المدن

– تجفيف الأهوار.

– تعرض الكثير من المشتبه بهم بالمشاركة في الانتفاضة إلى التعذيب والاغتصاب والحرق..