كي لا ننسى جرائم البعث والإرهاب
د. حسين علي عطوان الساعدي
وزارة التربية
مارس نظام البعث في العراق قبل عام 2003 الإجرامَ القمعيَّ بأبشع صور العنف ضد فئات معينة من السكان، راح ضحيتها الكثير من أبناء الشعب العراقي تمثلت بالإعدامات وتصفية المراجع وعلماء الدين وكان في مقدمتهم المرجع الديني الكبير السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية الطاهرة بنت الهدى (رضوان الله عليهم) في التاسع من نيسان لعام 1980، ثم اتبعتها حلقاتُ العنف والتصفية الجسديّة لجميع المعارضين والمثقفين والمفكرين والسياسيين وأسرهم واعتقال كل من يخالف توجهات الحكم حتى ملئت السجون بالرجال والنساء، ودُفِن بعضُهم في مقابر جماعية والتي بقيت شاهداً إلى يومنا هذا.
ومن جرائم الإرهاب ما تعرّض له الأكراد من البرزانيين في عام 1983 وحملات الأنفال خلال المدة (1987-1988) والتي راح ضحيتها الآلاف من أبناء القومية الكردية نتيجة سياسة الدمار والخراب التي طالت مدنهم وتهديم قراهم وانتهاك حرمتهم وأعراضهم بهدف اقتلاعهم من جذورهم، وكانت جرائم الإرهاب البعثي بحق المدنيين الكرد واحدة من أكثر صفحات القمع الحكومي قسوة وعنفاً في تأريخ الحكومات في العراق التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء وتغييب الشباب والأطفال والنساء، وجد بعضهم في مقابر جماعية.
وفي شعبان عام 1991 حدثت ثورة شعبية قام بها أبناء الوسط والجنوب ضد نظام البعث، وكانت شرارتها بعد انكسار الجيش في حرب الكويت، لكن هذه الثورة المباركة لم تدم طويلاً فجاء رد نظام البعث الإجرامي باستعمال طائرات الهليكوبتر وإعطاء الأوامر بقتل كل من ينتفض، فقادوا كتائب الدبابات للهجوم على كربلاء المقدسة والنجف الأشرف والمحافظات الأخرى لقمع الثورة الشعبية، وصدرت قرارات من القيادات العسكرية والبعثية بالقبض على كل من شارك في الانتفاضة وتنفيذ حكم الإعدام بهم، ولكثرة أعدادهم صار الأمر إلى دفنهم بشكل جماعي في مقابر جماعية من دون إجراء تحقيقات أو محاكمة ومن دون أن يعترف العديد من الشباب بالاتهامات الموجهة لهم.
ولم تتوقف جرائم حزب البعث منذُ تأسيسه وحتى سقوطه في 9 نيسان 2003، إذ قامت كوادر البعث بعد سقوط النظام بتأسيس كيانات متعددة بمسميات مختلفة منها إسلامية وأخرى وطنية كاذبة، واُتيحت فرصة تأريخية لقادة حزب البعث ليقوموا بدعم تشكيل ما يسمى تنظيم القاعدة ثم تنظيم داعش لزعزعة الثقة بالنظام الجديد وإيجاد الفتن والمشكلات والأزمات والحروب بين أبناء المجتمع العراقي، وإن ما يثبت علاقة حزب البعث بتنظيم القاعدة وداعش هو اعترافات القيادي في حزب البعث (عبد الباقي عبد الكريم السعدون) في لقاء متلفز على قناة العراقية الرسمية في 28 حزيران 2015 إذ كشف عن دور البعث والمجرم عزت الدوري بدعم القاعدة وداعش وتأجيج الفتن والصراعات والاعتصامات والتظاهرات وإثارة الكراهية والعداوة بين العراقيين، وهذا ما حدث فعلاً على يد (القاعدة وداعش) ضد الشيعة وبعض المكونات الأخرى.
وعليه فإنَّ ممارسات نظام البعث البائد وضعف الدولة العراقية وحل المؤسسات الأمنية بسبب الاحتلال الأمريكي بعد عام2003 ساعد على تحقيق أهداف التنظيمات الإرهابية وإعلان ظهورها، عن طريق كسب تأييد شرائح معينة من السكان كانت بالضد من التحول السياسي، بهدف أسقاط العملية السياسية وإثبات فشلها في محاولة لإيجاد نظام سياسي قائم على تبني أفكارها الدينية والسياسية، ولا تؤمن بالحوار والتعددية السياسية والدينية والمذهبية وإنما قائمة على فكر إرهابي يؤمن بالقتل والتهميش وإقصاء الآخرين وبناء نظام سياسي يتماشى مع أفكارها.