ataba_head
banarlogo

ثمار داعش بين الاندماج الوطني والتكفير

ثمار داعش
بين الاندماج الوطني والتكفير

أ.م.د. نصير كريم كاظم
باحث في المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف
العتبة العباسية المقدسة

 

 

فطن الأقدمون أن لا انتصارات نهائية ولا حلول بالمعارك الحربية وحدها، بل عمدوا على إنهاء الحروب بالاستيلاء على الشعوب وأسرها إلى بلدانهم لغرض دمجهم، خاصة إن كانت المعارك مع جماعات ايدلوجية، والشواهد على ذلك كثيرة منها ما فعله الآشوريون والبابليون مع اليهود بعد غزوهم وتدمير قراهم وسبيهم إلى العراق، وحققت طريقتهم نجاحاً ملحوظاً، لعلمهم أن الانتصار بالحروب ليس بالانتصارات العسكرية وحدها بل بتغيير فكرهم الذي ابتنوا عليه.

والمعارك التي خاضتها القوات الأمنية ضد ما يعرف بداعش وما تلتها من انتصارات تحققت، كان لزاماً أن يلحقها نصرٌ آخر هو الانتصار الحقيقي المُسمى انتصار الفكر كون المعارك مع الجماعات المتطرفة لا تنتهي بل تزيدها إصراراً، وبعد تلك النتائج الإيجابية المتحققة، لاحت مشكلة أخرى أخطر هي (ثمار الدواعش) وما تركوه من (أطفال ونساء)،  فلا بوادر لأمل تصحيح المسار الفكري قبل فوات الأوان لهؤلاء الأطفال إذ يكفي إن تلك الصفة المشؤومة (داعش) تظل وصفاً وميزةً يتصفون بها طوال حياتهم، حتى إن ذلك ولّدَ لديهم إيماناً عميقاً وقناعات تامة الأركان بتلك الأفكار الشاذة التي بدورها تُكوّن الأرضية الخصبة لقناعتهم بأن آباءهم كانوا على صواب فيما فعلوه من قتل وتهجير وإبادة بحق الشعب العراقي إذا ما تداركت الجهات المختصة هذا الأمر، فإذا كانت بداية نشأت الفكر التكفيري عملية يُقال أنها لا ترتقي إلى قاعدة جماهيرية منظمة سوى أنهم أفراد أتت لأجل غايات مختلفة، منها ما هو مرتبط بالبعد العقدي الشاذ، ومنهم من أتى من أجل الغنيمة والملذات وتأثره المفرط بالتاريخ والفتوحات الإسلامية على الطريقة الهوليودية ، ومنهم من كان مدفوع الثمن أتى من أجل المال.
والسؤال المحوري هنا: كيف يمكن استيعاب تلك الأعداد ودمجها في المجتمع؟ ، وهل من طريقة لتصحيح المسار الفكري لأولئك قبل فوات الأوان؟ ، أم نغطي الرأس في الرمال كالنعام انتظاراً للنتيجة المشؤومة، فلا بد لأصحاب القرار أن يتخذوا خطوات جادة لمعالجة هذه المشكلة الحقيقية التي ستكون – إن أُهملت –  بمثابة نواة للحقد والكراهية والفكر المنحرف الذي سيظل يُهدد أمن الأفراد والجماعات، بل المجتمع ككل، ويمثل حالة من عدم الاستقرار، ووسيلة ضغط على الحكومة لمن أراد بعراقنا سوءاً، على معظم المستويات والأصعدة الأمنية والاقتصادية وغيرها، فإن بقي الحال على ما هو عليه ستتكون – وهي نتيجة حتمية – مجاميع من الإرهاب المنظم، المكون من الجذور السابقة والمرتبطة بواقع الحال الذي هم فيه، فيجب إيجاد الحلول الناجعة في القريب العاجل، لأجل تأهيل سكان تلك المخيمات بالخصوص الأطفال منهم، والتركيز على من بلغوا الطفولة الوسطى حينئذٍ لتقادم الزمن، حتى لو تطلب الأمر الاستعانة بخبرات غير العراقيين لوضع منهج علمي ملموس كعلاج للمشكلة، كي يكونوا أفراداً صالحين ينصهرون في المجتمع من خلال تصحيح المسار الفكري والعقدي لديهم، ومن تلك المعالجات أن يجتثوا من البيئة الحاضنة التي نشأوا فيها، ودمجهم في بيئات صالحة بعيدة عن التكفير والتشدد الديني، فضلاً عن العلاجات النفسية والإرشادية من خلال مدارس مُعدة لهذا الغرض بأساتيذ متخصصين، ولنجعلها تحديا أساسيا ونقطة انطلاق خوفاً من تداعياتها المستقبلية على أمن العراق.

هي دعوة صادقة نضعها أمام صناع القرار، بالقول عالجوا المشكلة قبل تفاقمها وبدراسة بسيطة أن من كان في 2014 طفلاً أصبح اليوم شاباً يافعاً وهو واقع تحت تأثير الأم التي من الواضح تشددها وتفكيرها المتطرف وهو ما ظهر للعيان بحسب التقارير الإعلامية المبثوثة بسبب ارتباطها بأفراد العصابات الإجرامية التكفيرية.