ataba_head
banarlogo

جرائم الاضطهاد الديني في القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان … جرائم البعث ضد الشعائر الحسينية أنموذجا

جرائم الاضطهاد الديني في القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان

جرائم البعث ضد الشعائر الحسينية أنموذجا

الدكتور

جعفر صادق الحسيني

 

 

 

 

 

الاضطهاد الديني هو فرع من الاستبداد القهري ضد طائفة معينة وغالبًا ما يقوم الحاكم المتسلط بهذه الأفعال والتي ينتج عنها القتلُ والتنكيلُ والتهجير.

يقول  الأستاذ محمد عبده “المستبد عرفا من يفعل ما يشاء غير مسؤول ويحكم بما يقضي به هواه”.

أما في التعريف الغربي فكلمة المستبد (despot) مشتقة من الكلمة اليونانية «ديسبوتيس» التي تعني ربّ الأسرة، أو سيد المنزل، ثم خرجت من هذا النطاق الأسري إلى عالم السياسة لكي تطلق على نمط من أنماط الحكم الملكي المطلق الذي تكون فيه سلطة الملك على رعاياه ممثلة لسلطة الأب على أبنائه في الأسرة، وهنا يصبح المعنى انفراد فرد أو مجموعة من الأفراد بالحكم أو السلطة المطلقة دون الخضوع لقانون أو قاعدة، ودون النظر إلى رأي المحكومين.

وهذه السلطة المستبدة التي يتأثر بها الفرد أو بعض الأفراد هي تلك التي تمارس الحكم دون أن تكون هي ذاتها خاضعة للقانون الذي يمارسه سلطانه فقط على الشعب (وسمي أيضًا في بعض فروع العلوم السياسية (القانون الحديدي) ويقول جوناثان شوارز الذي سن هذه التسمية : “الناس الذين يسيطرون على المؤسسات يهتمون أولاً وقبل كل شيء بقوتهم ضمن المؤسسة بدلا من قوة المؤسسة نفسها”

الاضطهاد في الشريعة الإسلامية المقدسة

قال الله تعالى في كتابه العزيز : ((طسم 1 تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ 2 نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 3 إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ 4 وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ 5 وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ 6)) (القصص: 1-6) .

لقد ذكر الله- عز وجل- الاضطهاد (يستضعف) الاستضعاف ووضع مقابل ذلك وصف الإفساد وجزائه في الشريعة الغراء  (  إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ).

إنَّ الظلم والجور سنة من سنن البشر منذ بداية الخليقة وقد ذكرت الكتب السماوية والقرآن الكريم خصوصا ما يكفي من الأدلة والبراهين القطعية التي لا تقبل الشك وبالتالي أصبح سياقاً كونياً متبع فعن المفضل بن عمر يقول سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى علي والحسن والحسين عليهم السلام فبكى وقال : أنتم المستضعفون بعدي . قال المفضل : فقلت له : ما معنى ذلك يا ابن رسول الله ؟ قال : معناه أنكم الأئمة بعدي، إن الله عز وجل يقول : (( وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ )) (القصص:5) فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة .

 

الاضطهاد في القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان

 

جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948المادة 2  الاضطهاد الديني( المنهجي) (منظم ومضطرد) هو سوء معاملة لفرد أو مجموعة من  الأفراد بسبب انتمائهم الديني و الاضطهاد الديني بحد ذاته هو انتهاك لحقوق الإنسان.

من أشكال الاضطهاد الديني: مصادرة الحقوق أو التمييز في الأحكام ضد المضطهد أو التدمير للممتلكات والتحريض على الكراهية والاعتقال والسجن ، والتعذيب والإعدام.

المقصود بالعبارات أعلاه من ممارسة أفعال دينية يعتقدها الفرد أو الجماعة التي هي جزء من المجتمع ترتب عليها وقوع عقوبة لم يقرها القانون الإنساني كذلك لم تغفل المعاهدة أعلاه التطهير الديني الذي  هو مصطلح يستخدم للإشارة إلى إزالة السكان من منطقة معينة على أساس الديانة.

 

 الجرائم يُعاقب عليها القانون الدوليّ

 

من الأفعال اللاإنسانيّة ضد أي شعب، أو الاضطهاد على أساس سياسيّ أو عنصريّ أو دينيّ.

يُعرِّف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة، المرتبط بـ111 ولاية، الجرائم ضد الإنسانيّة في المادة 7.1. تُجرِّم المادة أفعالًا محددة «تُرتكب كجزء من الهجمات النظاميّة الموجهة ضد المدنيّين، بمعرفة عن الهجوم». وتشمل:

 الاضطهاد الموجه ضد أي مجموعة محددة أو الجماعيّ على أسس سياسيّة أو عنصريّة أو قوميّة أو إثنيّة أو ثقافيّة أو دينيّة أو غيرها والتي تُعتبر من غير المسموح بها عالميًّا تحت القانون الدوليّ، في ما يرتبط بأي فعلٍ منصوصٍ عليه في هذه الفقرة [مثل القتل أو الإبادة أو التهجير أو الاستعباد أو الحبس أو التعذيب أو العنف الجنسيّ أو الفصل العنصريّ أو غيرها من الأفعال اللاإنسانيّة] أو جريمة من اختصاص المحكم.

اضطهاد الشيعة.

هو مصطح يطلق للتعبير عن كل قول أو فعل يهدف إلى مكافحة العقائد ، والطقوس الشيعية  ، وتم تعريف المصطلح عالميا من قبل منظمة (shia rights watch) عام2011.

وبعد مضي فترة ليست طويلة على حكومة جلاوزة العفالقة في العراق واجهت الشعائر الحسينية والقائمين عليها بطشًا لاهوادةَ فيه ولا رحمةَ من قبل نظام صدام المجرم المتمثل بالأجهزة القمعية وحزبه وتمثل هذا البطش بالمنع التدريجي بداية ثم المنع الكلي وترتب على ذلك مآسي لاتعد ولا تحصى نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر زيارة الأربعين في شهر صفر من عام 1977.

اجتمعَ صدام مع أعضاء قيادته وأمر أن يمنعوا الزيارة لأبي الله الحسين عليه السلام وإثر ذلك اجتمع محافظ النجف في حينه جاسم محمد الركابي مع المواكب الحسينية في النجف الأشرف ووجهائها لكن هذا الاجتماع لم ينتج عنه إلا الإصرار من قبل أهالي النجف الأشرف ، وفي صباح 4 فبراير 1977 م / 15 صفر 1397 هـ خرجت جماهير غفيرة من مناطق النجف الرئيسة وهي البراق والمشراق والحويش والعمارة وهي تجوب شوارع المدينة متوجهة إلى مرقد الإمام علي وهم يرددون أهازيج منددة بمنع شعائرهم مثل (أهل النجف يا أمجاد راياتكم رفعوها) و(إسلامنا ما ننساه أيسوا يا بعثية) وواصلت الجموع مسيرها إلى كربلاء وخاضوا صدامات دامية مع قوات الأمن المنتشرة في الطريق وصولاً إلى منطقة خان الربع حيث قضى السائرون ليلتهم فيه .

16 صفر

يوم 5 فبراير 1977 م / 16 صفر 1397 هـ كان يوماً حافلاً حيث واصلت الجموع مسيرها إلى كربلاء وكانت دوريات الشرطة والأمن تلاحقهم على الشارع العام وهي تهددهم وتأمرهم بالرجوع إلى النجف إلا أن الحشود لم تكترث إلى تهديداتهم وبقيت تواصل سيرها إلى كربلاء حتى وصلوا إلى منطقة خان النص عصر هذا اليوم حيث توقفت المسيرة للاستراحة والمبيت فيها وواصلت مجاميع من الشباب الحراسة ليلاً خوفاً من أي هجوم محتمل من قبل دوريات الشرطة والأمن التي كانت تجوب المنطقة .

17/ صفر

صباح يوم 6 فبراير 1977 م / 17 صفر 1397 هـ تحركت المسيرة من منطقة خان النص باتجاه كربلاء والجموع تردد الأهازيج المختلفة والحماسية وبعد ابتعادها عن المنطقة قامت مجاميع من قوات الأمن بالهجوم على مؤخرة المسيرة وإطلاق النار عليها مما أدى إلى سقوط أول قتيل أخذت جموع كبيرة بالالتحاق بالمسيرة من النجف وبعض المناطق القريبة من كربلاء حتى وصلت المسيرة إلى منطقة خان النخيلة حيث تقرر الاستراحة والمبيت فيه إلى صباح اليوم التالي وقد التحقت القبائل المحيطة بالمنطقة بالمسيرة بعد أن اتجه العشرات اليهم لدعوتهم للمشاركة حيث جاء الآلاف إلى المنطقة وهم يرددون أهازيج عراقية مختلفة منها (أسمع العباس ناده ياهلّه بهاي الضيوف….إشلون أأدي هلتحية وآني مكطوع الجفوف)

18 صفر

عصر يوم 7 فبراير 1977 م / 18 صفر 1397 هـ أرسلت الحكومة العراقية أحد خدمة الروضة الحيدرية لتدارك الموقف وإيقاف المسيرة وأخذ بتهديد السائرين وشتمهم إلا أنه لم يأتِ بنتيجة فعاد إلى النجف دون أن يأتي بأي نتيجة وفي المساء هطلت الأمطار بغزارة واشتدّ البرد ليلا مما أعاق تقدم قوات الحرس الجمهوري التي وصلت إلى المسيب استعداداً لضرب المسيرة كان الإصرار من قبل الحسينيين بمواصلة المسير إلى كربلاء المقدسة حيث يلتقي الأحبة بحبيبهم أبي عبدالله الحسين عليه السلام.

19 صفر

قارب المسيرة الوصول إلى مدينة كربلاء يوم 8 فبراير 1977 م / 19 صفر 1397 هـ وهو يصادف ليلة الأربعين وهنا تصاعد غضب رئاسة الجمهورية وسخطها وقامت بإرسال اللواء المدرع العاشر إلى طريق كربلاء لاعتراض المسيرة حتى وصل الأمر إلى إرسال طائرات ميغ 23 إلى المدينة وإعطائها الأمر بإطلاق النار إن استدعى الأمر وبعد وصول المسيرة إلى مشارف كربلاء كانت في استقبالهم مجموعة من الدبابات والسيارات المصفحة وسيارات الشرطة ومئات المسلّحين وهم يتأهبون لإطلاق النار ومنع تقدم الجموع إلى كربلاء وقامت هذه القوات بإلقاء القبض على أعداد كبيرة من الشباب والنساء وكبار السن بعد محاصرتهم إلا أن مجاميع كبيرة تمكنت من الفرار وإكمال المسير عبر طرق فرعية أخرى وصولاً إلى العتبة العباسية والروضة الحسينية

20 صفر

كان يوم 9 فبراير 1977 م / 20 صفر 1397 هـ يوماً حافلاً في كربلاء حيث يوافق ذكرى الأربعين وكان الآلاف يتجمهرون حول العتبة العباسية والروضة الحسينية وهم يؤدون مراسم الزيارة والعزاء حتى أشاعت قوات الأمن أنباء تشير إلى وجود قنبلة موقوتة داخل ضريح الإمام الحسين مما أدى إلى تولّد الذعر في نفوس الجموع التي كانت في داخل الضريح وهنا استغلت القوات الأمنية الفرصة وقامت بإلقاء القبض على مجاميع كبيرة من الشباب ونقلهم إلى المعتقلات القريبة وكان من بين المعتقلين السيد محمد باقر الحكيم.

الولاء للطاغية من قبل المتلبسين بثوب التشيع.

استمر النظام الصدام وجلاوزته بحملات لا تعد ولا تحصى وبصورة ممنهجة تتعارض مع كل الشرائع والرسالات السماوية والمبادئ والقيم الانسانية والقوانين ،  استهدف حزب البعث  خيرة الشيعة ولم يستثن حتى البسطاء منهم النساء الأطفال الشيوخ العجزة ليس لهم ذنب سوى أنهم يوالون محمد وآل محمد الطريق القويم تجلى ذلك بحبهم واخلاصهم لسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام الذي هو امتداد طبيعي للرسالة المحمدية الغراء مما جعلهم يبذلون الأرواح والأبناء والممتلكات في فناء الحسين عليه السلام ، لذلك قامت الأيادي الطيعة للطاغية صدام المجيد عن طريق عصابته المسماة حزب البعث  ممن تلبس بثوب التشيع بكتابة تعهد إلى طاغيتهم بتأريخ 7/7/2002-تحمل العدد16875صادرة من قيادة فرع الزحف الكبير

جاء فيها

الموضوع (عهد إلى الرئيس القائد) باني مجد العراق

نحن أمين سر وأعضاء شعب حزب البعث ضمن قيادة فرع الزحف الكبير للحزب نجدد الولاء لسيادتكم على أن نبقى جندا أوفياء تحت رايتكم ونعاهدكم على أن(لا نزور الحسين ونمنع كل من يرغب بذلك)حسب تعليمات سر القطر بكتابكم المرقم1424في25تموز هذا ودمتم سيدي القائد

تذيل الكتاب ب10 أسماء من الدونيين الرفاق أعضاء قيادة وشــُعب وموقع من قبل المدعو (عبدالحسين غضبان الصافي)ما يضُحك وهي ضحكة ساخرة إن اسمه عبد الحسين ويريد أن يثبت لسيده المقبور الولاء المطلق و إن الاسم ما هو إلا ثبوت قد نزعه عن شخصه فهؤلاء من نقول عليهم تلبسوا بثوب التشيع وليس لهم التشيع إلا الاسم لقد كانوا هؤلاء العين الباصرة والأذن السامعة واليد الطيعة لصدام المجرم  .