ataba_head
banarlogo

التسليف السياسي في نظام البعث وعائلة صدام حسين في العراق

التسليف السياسي في نظام البعث وعائلة صدام حسين في العراق
د. عباس القريشي
يعدُّ تأريخ العراق مليئاً بالأحداث المؤلمة والظلامية التي وقعت تحت حكم نظام البعث وصدام حسين. فهذا النظام كان معروفًا بسيطرته الشديدة وقمعه للحريات الشخصية والسياسية والدينية وانتهاكه لحقوق الإنسان، ولكنه كان أيضًا مشهورًا بارتكاب جرائم تسليف سياسي كبيرة أثرت على مستقبل العراق وشعبه.
قد يسأل سائل عن معنى التسليف السياسي ما هو؟
فنقول : إنَّ جريمة التسليف السياسي تمثّل استغلالَ السلطة الحكوميّة لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، وهذا ما عُرف به نظام البعث وعائلة صدام حسين في العراق منذ توليه السلطة في عام 1979، إذ تمَّ تطوير نمط ثقافة الفساد والتسليف السياسي بشكل واضح وجلي فقد شهد العراق تغييرات في البنية الاقتصادية والسياسية، بل شهد حزب البعث في العراق تغييرات جذرية سُفكت دماء وأُزهقت أرواح المئات من البعثيين الأوائل بهدف تعزيز مكانة عائلة صدام وأقاربه في الحكم وليحقق استبدالهم بالمؤسسات الرسمية.
وأحد أمثلة التسليف السياسي هو استغلال الأموال العامة لصالح العائلة وأنصار النظام، والتلاعب بالموارد الوطنية مثل إيرادات النفط والمشاريع الحكومية الضخمة لصالح قلة مختارة من العائلة التكريتية، مما أثر سلبًا على الشعب العراقي الذي لم يشهد تحسنًا في ظروفه المعيشية.
علاوة على ذلك، تم تضييق دائرة المشاركة السياسية واحتكار السلطة من قبل العائلة وأنصارها المقربين جداً، فكانت المناصب الرفيعة مخصصة لأفراد من العائلة والأقارب والبعثيين دون اعتبار للكفاءة أو الخبرة، مما أدى إلى فقدان الفرص المنصفة للمواطنين وتفاقم الفجوات الاجتماعية والاقتصادية.

الآثار السلبية والتداعيات:
أثّرت جرائم التسليف السياسي لدى نظام البعث وعائلة صدام حسين على العراق وشعبه بشكل كبير، بدءًا من تدهور الأوضاع المعيشية وتفاقم الفقر والبطالة وصولاً إلى قتل الروح الوطنية لدى أعداد كبيرة من المواطنين العراقيين، إذ كان يتعامل مع الشيعي (65%)على أنَّه فارسي ويتعامل مع الكردي (20-25%) على أنه أجنبي غير عراقي .
و تسبّب هذا الفساد في تدمير البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما أدى إلى انعدام الأمان والاستقرار فكان لا يأمن المواطن التنقل بين المحافظات ليلًا خوفًا من التسليب وقطاع الطرق!.
مع الوقت تزايدت جرائم التسليف السياسي البعثي وكان المقبور صدام يظن أنَّ تلك الطريقة ستبقي فترة حكمه أطول في حين أدت إلى نبذه ونظامه حتى من البعثيين وتجسّد خذلانهم لقائدهم في سقوط النظام البعثي في معركة لم تستغرق أكثر من 9 أيام انتهت بهروب صدام حسين وتركه لأرضه وعرضه وجميع مبادئه وقيمه واختفاءه بحفرة داخل الأرض! ، أخرجوه منها بمظهرٍ أشبه بالمجنون الذي لا عقل له لدرجة صُدم جميع العرب ومن كان مخدوعًا بأن صدام حسين حارس البوابة الشرقية وقائد الأمة العربية، وأنه حامي الحرائر العربية وبعد انهزامه وانهيار نظامه ووقوع العراق تحت الاحتلال الأمريكي وتحالفه ، تم الكشف عن مدى انتشار الفساد والتسليف السياسي.
فجريمة التسليف السياسي في نظام البعث وعائلة صدام حسين في العراق لها تأثيرات مدمرة على المجتمع والاقتصاد، تجسدت هذه الجريمة باستغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية وتحقيق أهداف سياسية على حساب مصلحة الشعب العراقي، فمن الضروري توثيق هذه الجرائم وضمان محاكمة الجناة فيها لضمان عدم تكرارها في المستقبل، ولتحقيق عدالة حقيقية للضحايا وبناء مستقبل أفضل للعراق.