ataba_head
banarlogo

الشهيد الصائم

الشهيد الصائم

 

م.م محمد جاسم الخزاعي

 

 

لم يخشَ النظامُ البعثيُّ شيئاً كخشيته من طلبةِ العلوم الدينية في الحوزة العلمية ، وخطباء المنبر الحسيني ؛ لأنَّه يعرف تمام المعرفة أنَّ هؤلاء لا يمكن أنْ تُعرض مبادئهم في الأسواق ، أو تُشترى كلمتهم من قبل أزلام النظام البعثي البائد، لذا عمل النظام البعثي على قيادة حملة كبرى من المطاردة والتنكيل والتصفية والقتل استهدف من خلالها خطباء المنبر الحسيني تحديدا ،لمعرفة هذا النظام بأنَّ المنبرَ الحسيني له مكانة خاصة في نفوس محبين أهل البيت _ وهم الأغلبية العظمى في العراق _ ولمقدرتهم في نشر العلوم والمعرفة والتوعية، ورفع كلمة الحق والخير والعزة والكرامة وقيم نهضة ثورة عاشوراء تحديداً ، وهذه القيم تتعارض مع أهداف حزب البعث الخاصة في نشر الجهل والتخلف في المجتمع مما يسهل السيطرة عليه من قبلهم بالحديد والنار.

فلا يختلف اثنان على أنَّ َ حزب البعث كانت من أشدّ الحقب التي عملت بالضد من يحيي الشعائر الحسينية ، أو يستذكر مبادئها على المنابر.

فبدأ حزب البعث في استهداف خطباء المنبر الحسيني دون تمييز بين كبيرهم وصغيرهم ، حتى وصلَ الاستهداف إلى واحد من نوابغ الخطباء المعاصرين وقتها،  ومفخرة من مفاخر شباب المنبر الحسيني الشريف وهو السيد كاظم شبّر ، الذي ينتمي إلى أسرة آل شبر المعروفة.

ولد السيد كاظم شبر سنة 1956 في ناحية الدغارة في محافظة الديوانية، حيث كان والده السيد محمد السيد إبراهيم شبّر وكيلاً للمرجعية العليا في النجف الأشرف في تلك المنطقة ، لذلك كان من الطبيعي أن ينشأَ نشأةً إسلامية علميّة تنشد التبليغ الإسلامي ونشر علوم أهل البيت “سلام الله عليهم”  وبعد إكمال المرحلة المتوسطة عاد السيد جواد شبّر رفقة والده إلى النجف الأشرف حيث موطن الأسرة الأصلي، فضلاً عن كون المدينة تمثل حاضرة الإسلام وجامعة العلم والأدب والفكر والمعرفة ، وموطن الحوزة العلمية المباركة ، فدرسَ على يد السيد أبي القاسم الخوئي و الشيخ علي آزاد القزويني ، والشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم.

أصبح السيد كاظم شبّر وكيلاً معتمداً للسيد الخوئي ، فمارسَ التبليغ الديني في ناحة الرجيبية في قضاء طويريج ، والتفَّ حوله الشبابُ المسلم في تلك المنطقة الأمر الذي لم يعجب سلطات البعث حينها فقامت مجموعة من أزلام البعث ضمن حملتهم في القضاء على رجال الدين في النجف الأشرف  في الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1982م باختطاف الشهيد كاظم شبّر صائماً من بيته في النجف الأشرف ، وكان عمره آنذاك ستة وعشرين عاما ، ولم تفلح محاولات معرفة مصيره من قبل أُسرته ، حيث كانت والدته تنتظره واحداً وعشرين عاماً ظناً منها أنه قد يعود يوماً  حتى سقوط النظام البعثي البائد في العراق سنة 2003م ، وتنكشف جرائمه للعالم ، ليُعثر على وثيقة صادرة من محكمة الثورة سيئة الصيت تبيّن أنه قد حُكِم على السيد كاظم شبر بالإعدام في يوم 17 / 1 / 1983م ، ليُضاف هذا الشهيد إلى القائمة الطويلة من شهداء كلمة الحق الذين أُعدموا على يد أزلام نظام البعث البائد.