النظام البعثي ومحاربته للإسلام ومظاهره في المجتمع العراقي (3)
الأستاذ عبد الهادي معتوق الحاتم
جرائم نظام البعث بحق الشعائر الحسينية
على الرغم من المظاهر الخادعة التي رفعها النظام البعثي في الأسابيع والأشهر الأولى من عمره ، أي بعد وقوع الانقلاب العسكري في 17 تموز 1968 والتي حاول فيها التزاهر باحترام الشعائر الدينية التي تمارسها الجماهير العراقية المسلمة ، فقد كشفت الأحداث والممارسات التي قام بها النظام العفلقي فيما بعد ، عن الموقف الحقيقي لهذا النظام من تلك الشعائر المقدسة .
فقد قام النظام بإلغاء نقل الاذان وصلاة الجمعة من أجهزة إعلامه ، بل وقام بالتضييق على من يؤدي هذه الشعائر الدينية حتى وصل الأمر إلى منع الاذان في معظم مساجد وحسينيات البلاد بحجة تطبيق (قانون منع الضوضاء) وقام بحملة واسعة من أجل إرهاب وقتل أو تشريد علماء الدين الذين يؤدون واجباتهم الشرعية كأئمة جماعة أو جمعة في مساجد البلاد ، فضلاً عن نشر وكلاء الأمن وعناصر المخابرات والحزب لمراقبة المساجد والمراقد المقدسة .
وأما بخصوص جرائم نظام البعث بحق الشعائر الحسينية العريقة في العراق ، فقد تعرّضت قضية الحسين “عليه السلام” ومظاهر إحياء ذكرى استشهاده إلى هجوم شرس من قبل البعثيين منذ مجيئهم إلى السلطة عام 1968 وإلى حين سقوطه في نيسان 2003م .
وقد تفنّن هؤلاء الحاقدون في محاربة هذه الشعائر الإلهية وابتكروا أساليبَ مختلفةً للقضاء عليها ، وعلى الرغم من أنَّ حزب البعث لم يتكتم كثيراً على عدائه للإسلام ، إلا أنّ حربه المسعورة ضد هذه القضية المقبورة ، أي ذكرى عاشوراء الإمام الحسين “عليه السلام” ، واندفاعه المبكر والمجنون من أجل القضاء عليها كان من أبرز الأمور التي كشفت هذه الحرب وسلّطت الأضواء عليه .
الخطوات التي قام بها النظام البعثي منذ أيامه الأولى تشير إلى أنَّه كان يتحرك بحقد دفين ودور تمّ إعداده مسبقاً ، وقد اتبع حزب البعث خطةً دقيقةً ومدروسةً لإنهاء المسيرات والمواكب والنشاطات الحسينية كافة على شكل مراحل .
ففي عام 1969 منعت “مواكب الطلبة” واعتقل الأشخاص الذين كانوا يحركونها ويسعون إلى تنظيمها ، ومن المعروف أن هذا الموكب الطلابي يعدّ من أبرز المسيرات الحسينية وأنه يتألف من طلاب الجامعات الذين يحسب العملاء لهم ألف حساب ،وبعد هذه الخطوة تسلسلت أعمال البعثيين بالشكل التالي :
- سياسة الترغيب والترهيب ضد رؤساء المواكب في كربلاء والنجف وبقية المحافظات .
- أصدرت السلطات البعثية مجموعة من القرارات منعت فيها المواكب الحسينية من النزول إلى كربلاء ما لم تأخذ إجازات خاصة من مديرية الأمن البعثية ، وبهذا القرار أصبحت جميع المسيرات الحسينية تحت الأضواء
- بعد ذلك جاء دور الشعارات ، أو الردات ، إذ خضعت جميعها في موسمي عاشوراء وأربعينية الإمام الحسين “عليه السلام” إلى مراقبة الأمن وصارت إجازات المواكب لا تُمنح إلا بعد أن تطّلع مديرية الامن البعثية على شعاراتها (ورداتها) فتحذف الشعارات التي لا تنسجم مع سياسة البعثيين وتُضاف في بعض الأحيان شعارات مؤيدة للسلط من قبل مديرية الأمن ، والأغرب من ذلك أن بعض المسيرات الحسينية كان تفرض عليها “ردّات خاصة” تعدها مديرية الأمن في مناطقها ، وعلى الرغم من كل تلك الضغوط والتهديدات استمرت مسيرات والمواكب الى يومنا هذا .