جرائم حزب البعث ضد الشعائر الدينية
د. عباس القريشي
حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي انطلق تأسيسه من سوريا في عام 1947، كان حزبًا سياسيًا ذا نفوذ كبير في العديد من الدول العربية ؛ نظراً لما تعانيه المنطقة من تسلّط الأنظمة الملكية الذي ساهم كثيراً في تنامي الحس القومي والنفوذ الشيوعي، وكان نشاطه في العراق محدودا في تلك الفترة، وفي خمسينيات القرن الماضي انضم بعض العراقيين إليه، ونشط حراكه في السّاحة العراقية بعد نجاح الشيوعيين في الانقلاب على الحكم الملكي في العراق وتسلّم عبد الكريم قاسم زمام السلطة في العراق إلى أن نجح حزب البعث باختطاف السلطة من الشيوعيين في العراق عبر انقلاب عسكري ضد عبد الكريم قاسم ، وسرعان ما تطوّرت سيطرته إلى أن أصبحَ هو الحزب الحاكم الوحيد في البلاد بقوة سياسية وأمنية هائلة، وعلى الرغم من أنّ حزب البعث قد تعرّض لانهيارات متكررة عبر التاريخ، إلا أنه خلّف وراءه أثرًا مدمرًا على الشعائر الدينية في المناطق التي حكمها في العراق يمكننا ذكر بعضها وهي:
تدمير الثقافة والتأريخ
قام نظام حزب البعث بتدمير وتشويه العديد من الشعائر الدينية والمعالم الثقافية في المناطق التي كانت تحت سيطرته، وعمدت السلطات البعثية إلى تدمير المساجد والكنائس والمعابد والمدافن الأثرية، بحجة أنها تمثل رموزًا للاستعمار والرجعية، واعتبر هذا التدمير جزءًا من سياسة النظام لفرض العلمانية والتخلص من أي شكل من أشكال الدين يمكن أن يشكل تهديدًا لسلطتهم.
اضطهاد الطوائف الدينية
عمد حزب البعث إلى اضطهاد الطوائف الدينية المخالفة والتي لم تكن تنتمي إلى العقيدة البعثية، ففي العراق شهد أتباع أهل البيت( عليهم السلام) اضطهادًا شديدًا، حيث تعرّض الملايين منهم للاعتقال التعسفي والتعذيب والإعدام دون محاكمة عادلة.
تزوير الهوية الدينية.
وعمد النظام البعثي إلى تشويه التراث الديني والثقافي والقيم الدينية للشيعة بهدف تقويض الانتماء الديني لدى المواطنين وتحويل ولاءاتهم نحو الحزب والقائد الأعلى لدرجة منعهم من ممارسة طقوسهم الدينية وزيارة الأماكن المقدسة وحرمانهم من حقوق الإنسان والحريات الدينية وتصاعدت تصريحاته الطائفية وكان لزيارة عاشوراء حظها الأوفر في المنع والمحاربة رغم أنَّ مناسبة عاشوراء هو يوم حزين للمسلمين الشيعة، إذ يستذكرون فيه استشهاد الإمام الحسين بن علي( عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه ، الذين استشهدوا في معركة كربلاء .
ولا يخفى أن منع زيارة عاشوراء يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وحرية المعتقد الديني، وكان يجب أن تتخذ المنظماتُ الحقوقيةُ والمجتمعُ الدولي إجراءاتٍ للتصدي لهذه الجريمة والضغط لإنهاء التمييز الديني والحرمان من الحقوق الأساسية للشعوب والأفراد بناءً على اعتقاداتهم الدينية.
التسامح واحترام حرية العقيدة هي مكونات أساسية للسلام والاستقرار في المجتمعات المتعددة الثقافات والديانات، إلا أنّه من المؤلم لم تتخذ أي خطوات حقيقية اتجاه النظام البعثي، ورغم زوال البعثيين من الحكم في العراق إلا أنَّ هناك عدداً من الأنظمة العربية لازالت مستمرة في اضطهاد الشيعة وتمنعهم من ممارسة طقوسهم الدينية في بلدانهم ونأمل من المنظمات الدولية والمؤسسات المعنية أن تؤدي دورها الإنساني في الضغط على تلك الأنظمة ليسمح للشيعة بممارسة طقوسهم الدينية .