ataba_head
banarlogo

الإساءة للقرآن الكريم … دعوة للكراهية تحت غطاء حرية التعبير

الإساءة للقرآن الكريم … دعوة للكراهية تحت غطاء حرية التعبير

 

 

أ.د. حسين الزيادي

 

 

 

القرآن الكريم هو دستور الأُمَّة، والمنهاجُ الأقدس لكلِّ المسلمين على تنوّع مذاهبهم وطوائفهم وفرقهم وانتماءاتهم وجنسياتهم، ونظراً للأهميّة الكبيرة والمكانة التي يحظى بها القرآن الكريم في نفوس المؤمنين من مسلمين وغيرهم من الديانات الأخرى، لذا فإنَّ الإساءة إليه يمسّ بمشاعر ملايين المسلمين في العالم، وتصرفات كهذه تعدّ اعتداءً صارخاً على قيم التسامح وقبول الآخر والتعايش السلمي ويمهّد الأرضية الخصبة للتطرف والإرهاب، وهذا العمل يتناقض تماماً مع احترام الأديان والمعتقدات التي نصّت عليها القوانين الدولية، وهو عمل تحريضي من شأنه تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم ، وتأتي هذه الأفعال لتترك آثاراً عميقة وقوية من الغزو الفكري الشامل للأُمَّـة، محاولة منها لفصل الأُمَّــة الإسلامية عن منهاجها ، وفق برامج مدروسة وخطط منهجية، قائمة على التدرج الزمني والتنفيذ المتأني.
وقد وقع نظير هذا التصرف المشين أكثر من مرة في بلدان مختلفة خلال السنوات الأخيرة، إلا أنّ ما يميز الإساءة الأخيرة أنَّها وقعت بترخيص رسمي من المحكمة، وبحماية من الشرطة السويدية، بزعم أنّه من مقتضيات احترام حرية التعبير عن الرأي ، ومن المؤكّد أنَّ احترام حرية التعبير عن الرأي لا يبرّر أبداً الترخيص في مثل هذا التصرف الذي يمثّل اعتداءً صارخاً على مقدسات أكثر من ملياري مسلم في العالم، كما أن ما يميز الاعتداء الأخير أنَّه وقع في أيام عيد الأضحى المبارك وهي لها قدسية خاصة لدى جميع المسلمين ..
تصنّف هذه الجريمة من الناحية القانونية على أنَّها جريمة كراهية ولا تندرج بأي حال من الأحوال ضمن ما يسمى بحرية التعبير ، وعلى الرغم من أنَّ هذا المفهوم (جريمة الكراهية) محل نزاع واسع، لا سيما فيما يتعلق بتداخله مع حرية الرأي والتعبير، إلا أنَّ لجريمة الكراهية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان أركانها وعناصرها الخاصة بها التي تميزها عن حرية التعبير ومن ذلك نية الفاعل ومستوى وصول الفعل وانتشاره ومحتوى التعبير أو السلوك وشدته، كما أنَّ هذا الفعل يتعارض والمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفّل حماية الأديان وعدم انتهاك حرمتها، إذ تنص تلك المادة على أنَّ : لكلِّ شخص حقّ في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبّد وإقامة الشعائر والممارسة بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
إنَّ جريمـة الكراهيـة بطبيعتهـا جريمـة تقليديـة، تقـع علـى الأشخاص أو الممتلـكات إلا أنَّهـا تقتـرن بدافـع الكراهيـة للمجنـي عليـه؛ بسـبب انتمائـه لدين معين أو لفئـة اجتماعيـة معينـة؛ مصنفـة علـى أسـاس العـرق أو اللـون أو الديـن أو الأصل أو غيـر ذلـك، ويترتـب علـى ذلـك أنَّهـا علـى قـدر كبيـر مـن الخطـورة ؛لأن الاعتداء فـي جريمـة الكراهيـة يمـس حقيـن هما: حـق المجنـي عليـه بحسـب نـوع الجريمـة المرتكبـة وحق المجتمع ؛لأنها تمس الأمن والسلم المجتمعي .
ويمكن نقل خطاب الكراهية بصور وأشكال متعددة فيكون على شكل صور ورسوم وإيماءات وأفعال وسلوكيات يمكن نشرها عبر الإنترنت أو أي وسيلة أخرى، وقد تم تحديد المعايير الدولية بشأن مسألة “خطاب الكراهية” من خلال التوازن في المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والضمانات السابقة هي: الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق الحرية في التماس المعلومات وتلقيها ونقلها، والتماس الأفكار من جميع الأنواع، بصرف النظر عن الحدود، وتحدد المادة 19 القيود التي يمكن أن ترتبط بهذا الحق، بما في ذلك احترام حقوق الآخرين أو احترام سمعتهم، وتنص المادة 20 على حظر أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.