banarlogo

الخطاب العدائي وتقويض عمل وسائل الإعلام

الخطاب العدائي وتقويض عمل وسائل الإعلام

 

د. محمد وليد صالح

أكاديمي وكاتب عراقي

 

 

 

التقليل من شأن الصحفيين وصرف انتباههم عن عملهم وتشويه صورة وسائل الإعلام وسمعتها أو ترهيبها هذا ما تسعى له التصريحات السلبية، ولاسيما عندما تستغلها منافذ سياسية وتضخمها عبر وسائط التواصل الاجتماعي لطرح مخاطر حقيقية، ويقوض ثقة الجمهور في مصداقية الصحافة وتصدّع حرية التعبير، وتعرض استقلال وسائل الإعلام لعمليات مضايقات وهجمات شرسة من أجل وصمها.

إنَّ طمس الخط الفاصل بين النقد المشروع للإعلام ومحاولة انتهاك حق الصحفيين في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات ومصادرها، من أبرز آثار الخطاب العدائي، مما ينعكس على سلامتهم الأساسية كشرط تضطلع به مؤسسات القطاعين العام والخاص، وللصحفي الحق في امتناعه عن كتابة مواد صحفية وإعدادها تتنافى مع معتقداته وآرائه وضميره كما أشار قانون حقوق الصحفيين رقم (21) لسنة 2011، لممارسة العمل في بيئة آمنة بكل الأوقات.

ويسعى الكثير من خطابات التشكيك إلى إضعاف مصداقية التغطية الإعلامية، ويشمل على صورة المرشحين السياسيين ومصطلح الأخبار الزائفة مناسب للتعبير عن إحداث اللبس بين الحقيقة والكذب، وبين الرواية الواقعية والروايات الخيالية التي تعرض كما لو حصلت بالفعل، مما يدفع إلى وضع آليات للمراقبة في اطار أهداف التنمية المستدامة لضمان سلامة الصحفيين والحد من تبعات التخويف والرقابة الذاتية لتحقيق مبدأ المسؤولية الاجتماعية.

إذ أشار الإعلان المشترك بشأن استقلال وسائل الإعلام وتنوعها في العصر الرقمي 2018، ومقرر الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، إلى أنَّ التصدي لعمليات التزوير تجري عبر تحالفات بين المؤسسات الإعلامية، للتحقق من الوقائع وتحسين مستوى الثقة بين بيئة المعلومات والجمهور، لخلق مجتمع عراقي آمن ينبذ التطرّف والكراهية ويؤمن بالسلم والتعايش، على وفق “استراتيجية مكافحة التطرّف العنيف المؤدي إلى الإرهاب” الموضوعة عام 2019 من مستشارية الأمن القومي، بهدف تنمية بيئة مشجعة للوسطية والإعتدال وترسيخ منظومة القيم الحضارية والإنسانية التي عرف بها المجتمع المتنوع تأريخياً.

فضلاً عن بروز إمكانية برامج توعية الرأي العام على تعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية وتقوية فهمهم وإيمانهم بها، وكذلك تمكينهم من التعرف على أن التضليل الإعلامي وتشويه سمعة الصحافة يعدان خطراً يواجه بناء الديمقراطية في البلد.

وأحياناً تجري العرقلة المتعمدة بسبل عدة سواء أكانت بحجب خدمات اتصالات معينة أم منصات تواصل اجتماعي محددة، مما يبعث بالإجراءات الحكومية لضمان الذوق والسلامة العامة ومنع ترويج الشائعات والمحتوى غير المشروع، ومقابلها الجهات الفاعلة في المجتمع المدني ترى ذلك وسيلة لقمع الحريات ونشر المعلومات وإدنتها بوصفها انتهاكاً لحقوق الإنسان.

إن فرض القيود تعسفاً يعوّق العملية الديمقراطية وحق المواطنين في البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها ومناقشتها ونقلها، واتخاذ قرارات مستنيرة بشأنها، وهذه تحد من قدرة الصحفيين على تبديد الأفكار العدائية ونبذ العنف.