banarlogo

سبايكر وطنية المغدور

سبايكر وطنية المغدور

 

 

د. حسنين جابر الحلو.

 

 

 

 

يقولُ محمود درويش : “بدون الذاكرة لا توجد علاقة حقيقية مع المكان” ، نعم ، المكان الذي جُرح فيه القلب العراقيّ بفقد مجموعة من شبابه على أعتاب جريمة مشينة أوقدت مجسات للخطر في حياتنا بسب وجود اللاموضوعية في سير العمل .

هذا العمل الإجرامي بكل تفاصيله غيّر وجه الحقيقة ، من شباب يبحث عن نفسه في الوطن إلى وطن يبحثُ عن شبابه ، هذه الدماء البريئة التي شكّلت شمساً من العطاء في ظل قواعد آيدلوجية غيبت الحقيقة وأوقدت نار الفتن في كلّ محركات الحياة .

ولعلَّ الحالة الحياتية كانت تبعدُ الأصيل وتقرّبُ الوضيع من خلال خنادق زائفة تضرب بعصا الطائفية وحروف الخيال ، بأبعاد العراقي عن عراقيّته ، بل كان العكس في تكوين عراقية وطنية نبذت كل أنواع العنف والتجريف نحو هاوية الضياع الوطني .

نعم ، إنهم وقعوا أسرى في قفص الخيال المصاغ على الدم ، ولا وسيلة للتفاهم أو القول ، بل ردة الفعل الوضيعة هي الحاضرة ، لتكون قاعدة لهم ، وتكون ألماً لنا ، فهل هذا هو الإنصاف؟

طبعاً ، إنَّ الوطن فقد  أكثر من “٢٠٠٠” شاب في عملية داعشية، هي نقطة سوداء في التاريخ المعاصر ، بما ينبئُ عن حجم القسوة في التعامل  ؛لأنهم قدمِوا إلى العراق وبأيديهم غضب وعنجهية الجهالة التي عاشوا بها واعتاشوا عليها ، يغريهم تراثهم المأزوم بالقتل ، وينير دربنا تراثنا الصحيح .

وهنا تبدأ ألاعيب السياسة العابرة،  بتأجيج الموقف في كل مرة ، بزرع خلاياها اليقظة والمنتظرة لأي إشارة إطاحة لتغيير الهرم الديموغرافي للعراق على حساب الأكثرية،  وهذا الأمر غير ممكن في مجموعة صمدت في وجه الديكتاتور قبل ٢٠٠٣ م ، وبقيت صامدة إلى ما شاء الله من أنواع سادت ثم بادت .

المغدور ليس الشباب فحسب ، بل هو الوطن ؛لأننا في حالة بناء لجيل،  فيجب أن نضع سبايكر في واجهة هذا الجيل من خلال العمل لتشكيل ذاكرة دائمة تبين حجم المجزرة ، وتكون دماؤهم هي الحدود في كل صراع ، وأن نضع خريطة الوطن في ذاكرتنا دوماً بذكراهم وتخليدها،  وتفعيل هذه الذاكرة جيلياً لتبان الحقائق ؛ لأن القادم قد تظهر خلايا أخرى تريد أن تشوه الحقائق بجدلية الغالب والمغلوب .

والحقيقة الراسخة هي أن المغدور وطني شريف ، التفت حوله آلة التأريخ المتشظي والمصنوع ، وعلى عاتقنا أن نبيّن ونبين لنري الآخر قوة الموقف في أجساد شهداء سبايكر بالكلمة والموقف معاً .

والكلمة هي زرع الشوق الى حزيران في كل عام ، لا نكتفي بوضع الشموع وذرف الدموع ، بل نخلق حالة تغييرية وتعبيرية تشكل حلقة موحدة في الوعي الجمعي المستقبلي .