من قتل الأولاد في سبايكر؟
الكاتبة : انتصار حميد
في الدراسات الثقافية والبحوث التاريخية لا يتم اللجوء إلى التعميمات المقصودة حين يتعلق الأمر بالصحة العقلية الاجتماعية التي تستلزم مفاتحة الجماعات البشرية حول جرائمها، على سبيل المثال: أكثر من فيلسوف ومؤرخ وجه نقداً قاسياً للشعب الألماني ( المفكرة العظيمة حنة أرندت ليست الأولى ولا الأخيرة على هذا الصعيد)، لأن ما حدث خلال الحقبة الهتلرية يمكن اختصاره في الكلمات التالية: العدوان النازي الوحشي على الشعوب جرى تنفيذه بواسطة الأمة التي عرفت ما أراده الجلاد التافه أدولف هتلر، وصدقت به ونفذته بالحرف (أتكلم على وجه العموم).. ومن كتبوا حول ذلك ما كانوا يخططون للتحريض على الألمان، بل أنهم وضعوا مرآة التاريخ أمام العقل الجمعي الجرماني لهدفٍ محدد: كي لا يكرر فعلته الدنيئة.
بخصوص سبايكر: سنكون في الطريق إلى تزوير الحقائق، ومن ثم التاريخ دون شك، حين نقول أن داعش لوحدها هي من أقدمت على الجريمة الخسيسة.. لا.. هذا كلام يروج له المكر السياسي والخيانات الثقافية، الوقائع واضحة: عشائر وعوائل وبيوتات، في تكريت وما حولها، قامت باستدراج، واحتجاز، والبدء بتصفية الأولاد الأبرياء قبل وصول طلائع التنظيم في اليوم التالي إلى المدينة.
وحوش داعش أكملت المهمة من 12/ 6 صعوداً (حتى من تمكن من الإفلات ودخل إلى أزقة تكريت، مستنجداً، لم يفلت من الملاحقة التي تطوعت للقيام بها عوائل معروفة. فعلوا ذلك قبل أن يحكم التنظيم قبضته على المدينة، كي لا يتمكن أحدهم بالحديث عن الخشية من بطش الأوغاد). ها نتحدث عن ذلك لدواعٍ طائفية؟.. هذا سخيف.. والدليل على ذلك أننا نفتخر بالشرفاء من أهلنا في حديثة، وعدد من البواسل في ناحية العلم، الذين رفعوا بنادقهم في وجوه الخنازير القادمة من الداخل والخارج.
تحدثوا عن الحقيقة.. قولوا للشباب في تكريت أن عدداً كبيراً من أبناء مدينتكم قد اشتركوا في ذبح الأولاد، وأن هذه الواقعة المخزية تكشف عن أمراض وعقد تتطلب معالجةً فورية من أجل المستقبل، كي لا تحدث سبايكر أخرى.
الإصلاح العقلي والمجتمعي يبدأ من لحظة المكاشفة وهذه الأخيرة لا علاقة لها، البتة، بنبش القبور المذهبية ودعوة الوحوش للاستيقاظ، على العكس: تكلموا عن الغيلان ومن أين أتت كي لا تعود من جديد.
بعضهم يتصور أنه سيكون وطنياً صالحاً حين يترك كل هذه القضايا، الواقعية الملموسة، ويلقي باللوم على الحكومات وقتها!!.. هل هذا منطق؟.. ما وجه الربط بين الرحمة الإنسانية وصوابية أو خطأ تدريب الأولاد في تكريت؟!!! هذه مسائل ترتبط بالأخلاقيات بصرف النظر عن رأينا بمن أرسلهم إلى هناك.
المثقف الحقيقي لا يمكن أن يكون طائفيا لكن ذلك لا يعفيه من الكتابة عن جنون الجماعات وطبيعة شرورها وأحقادها التي تدفع بها لارتكاب أكثر الأفعال حقارةً.
” الأولاد الجميلون غابوا” لن ننساكم….. نحيب الوطن عليكم، عالٍ ومسموع.