ataba_head

قاتل الأجنة قراءة في تقرير حالة حقوق الإنسان في العراق لسنة 1999 (8)

قاتل الأجنة
قراءة في تقرير حالة حقوق الإنسان في العراق لسنة 1999 (8)

الأستاذ المساعد الدكتور
رائد عبيس
عضو المركز العراق لتوثيق جرائم التطرف

 

 

نؤكد في هذا المقال كما أكدنا في مقالات سابقة ، أن المنهجية المتبعة بقصد وعمد للإطاحة بقيم بنية المجتمع العراقي من قبل نظام البعث المجرم، ومن شاركه بالإجرام – من دول مجاورة وغير مجاورة دعماً له في تنفيذ سياسته أو تنفيذ سياستهم فيه – قد بلغت آلام وأوجاع عميقة، انطلقت من أكواخ الفقر، وحجر الخوف، وبؤس العيش، وتيه المصير.
من يعلم ذلك ؟! لم تدركه لجان حقوق الإنسان، ولا القاعات المترفة التي تنادي بحقوق الإنسان عبر الشاشات ! إنه ألم خاص آخذ به أهله إلى القبر.
من قاتل الأجنة ؟! وكيف قُتلت ؟ ولماذا ؟
بعيداً عن احصائيات الدولة ورقابة الرعاية الصحية، فقد كثيراً من الآباء والأمهات أبناءهم الأجنة، بسبب القتل العمد المباشر والقتل غير المباشر، انتهج حزب البعث سياسة الإبادة لكل معارضيه، ووصل بهم الأمر إلى قتل النساء الحوامل مع أجنتهن، أو قتل أجنتهن من أثر التعذيب في السجون وخارج السجون. وهذا فعل إجرامي صرف يتبعه البعث بحق شعبه، الذي أمتد من توليه الحكم وحتى زواله. وهو يَعُد قاتل للأجنة بفعل عمد ومقصود.
أما القتل غير المباشر للأجنة فتم جراء أمور معنوية غير مراعاة أبداً في نهج حكومة البعث ،بل تأتي من قصدية عدم الاكتراث والتغاضي وألحاق الأذى بالناس بأكبر قدر ممكن.
كيف ذلك ؟ كثير من الأجنة المجهضة كانت بسبب خوف النساء من عمليات الاعتقال والمداهمات من قبل الحزبيين التي تتعرض لها بيوتهن بين فينة وأخرى. أو جراء اعتقالهن وإيداعهن بالسجون المكتظة،أو من التعذيب النفسي الذي يتعرضن له بما يمس شرفهن وغيره. أو جراء فاجعة خبر إعدام أخ، أو زوج، أو أب ،أو أم، أو أخت، أوصديق ، أو جار، أو جراء القلق على أحد أفراد الأسرة المعتقل، أو المغيب، أو المعذب، فضلاً عن حالات الرعب الدائب في نفوس الناس المهددة، والمراقبة، والمقصودة. أو بسبب نقص الغذاء الذي تحصل عليه الأم نتيجة سياسة التجويع التي أتبعها حزب البعث بشكل مباشر منه أو من جراء الحصار الاقتصادي الذي تعرض له الشعب العراقي، بسبب عداء النظام للعالم، وعداء العالم للعراق، وعداء النظام لشعبه.
كم من الأمهات أجهضت جراء ذلك؟! وكم عائلة وأسرة فقدت أمل الطفولة بسبب حالات الاجهاض ؟ وكم حالات قتل من هذه الأجنة تسبب بها نظام البعث الذي لا يكترث لمشاعر أهله، ولا لسلامة الطفولة، أو أمن النساء المعنوي الذي يساعد على تكوين الأجنة بشكلها الطبيعي.
فكم من أمهات تكونت أجنتها بشكل غير طبيعي ومشوه بسبب مخلفات الرعب، والخوف، والخراب، فتولد مقتوله روحياً، وبايولوجياً، ومعنوياً، كان ذلك بسبب مخلفات الحرب، والأسلحة الكيمياوية، والبايولوجية، والتلوث، وقلة الرعاية، أو انعدام البيئة النظيفة، وانعدام سوء التغذية الذي تسبب بولادة أجنة غير مكتملة وبعضها ميته قبل أن تولد.
هل عرفنا الآن من قاتل الأجنة ؟ أنه رجل حكم العراق بالقهر ، ولم يكن لديه أي بعد إنساني لكل مكونات الإنسانية للمواطن العراقي. قد صدم حاضر العراق بجدار الخراب وذهب ليختبئ في حفرة!!
وهل عرفنا كيف يتم القتل المنظور وغير المنظور ؟!
لماذا كل هذا القتل، ولمن لأجنة ؟! نعم، قد أطلعنا على كثير من وثائق الإعدام بحق النساء، والعوائل، والرجال والأطفال، كانت قد شملت حتى الأجنة في بطون أمهاتها بالقصد المباشر لملاحقة أبناء العوائل المستهدفة حتى الأجنة منهم!! أو قتلهم بعوامل رعب وتخويف وإرهاب أمهاتهم، أو تجويعهن حتى الإملاص !! لا نملك ولا أي جهة تملك، ولا لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس الأمن التي راقبت الشأن الداخلي العراقي تملك إحصائيات عن ذلك؛ لأن كثير من هذه الحالات كانت خصوصية عوائل، وآلام أمهات لم تطلع عليه المشافي ولا تنقذه منظمة الغذاء العالمي، ولم تمنعه منظمات حماية الأسرة والأمومة ورعية الحوامل. فقد تسبب فقدان الأمن وقلة الغذاء والدواء بقتل أجنتنا، بسبب القاتل الذي تفرد بقتلنا وشركائه.
أما جهود فريق لجنة حقوق الإنسان ، قد أشار في تقريره إلى حق الغذاء، والرعاية الصحية للأسر، وحق الطفولة، وأغفل حق الأجنة!