ataba_head

أساليب بعثية مبتكرة في تنفيذ العقوبات (1).

أساليب بعثية مبتكرة في تنفيذ العقوبات (1).

محمد الخزاعي

جامعة الكوفة / كلية اللغات

 

في العالم ، خارج الرقعة الجغرافية للعراق يتوقف أحياناً وصف الأنظمة الدكتاتورية بالتربّع على عرش السلطة مدى الحياة ، أو يقف عند منع الانتخابات الرئاسية أو التشريعية أو المحلية ، _أو إقامتها بشكل صوري_  وربما يحدّه منع تعدد الآراء ، و حرية الإعلام ، والنقد ، والممارسات الحزبية أو الاجتماعية التي يرى النظام الدكتاتوري أنّها تهدد كيانه واستمراه سلطته.

أمّا في العراق ، وخلال فترة الاستبداد البعثي ، لم تحدّ الإجرام الدكتاتوري حدودٌ ، إذ عَمِدَ هذا النظامُ الاستبدادي إلى تجاوز جميع الدكتاتوريات في العالم _على الرغم من أنه استفاد كثيراً من تجاربها_ في إيقاع أكبر قدر ممكن من الأذى في الإنسان العراقي.

فعلى الرغم من معرفتنا أنَّ الأنظمةَ الاستبدادية أبعد ما يمكنُ أن تقومَ به هو الإعدام خارج حدود القانون شنقاً حتى الموت ، أو رمياً بالرصاص حتى الموت ، إلا أنَّ النظامَ البعثيَّ في العراق قد ابتدعَ طرائقَ وأساليبَ مبتكرةً في القضاء على حياة الإنسان خارج حدود القانون أو العقل أو المنطق ، فلو انتقلنا إلى مثال قانوني من القوانين التي شرّعها النظامُ البعثيُّ البائدُ والذي يخصُّ عقوبة الإعدام تحديداً ؛ فقد حدّد طريقة الإعدام وفق الآتي؛ أنَّ عقوبة الإعدام بموجب القانون الصدامي الهجين  أما شنقاً حتى الموت- حسب قانون العقوبات العراقي – أو رمياً بالرصاص حتى الموت – حسب قانون العقوبات العسكري العراقي – لكنّ الذي حدث في تنفيذِ عقوباتِ الإعدامِ التي  لم يشهد لها التأريخُ الحديث مثيلاً ولم تصل إليها أبشعُ الأنظمة الهمجية والدموية ، عبر تنفيذ عقوبات الإعدام  من خلال إذابة الإنسانِ في أحواض التيزاب، أو تقطيعه بـالثرامة ، أو رميه إلى الحيوانات المفترسة ، أو رميه من الطائرة على ارتفاع شاهق ، أو دفنه وهو حي ، ناهيك عن عمليات القتل الجماعي بالأسلحة الكيمياوية في مجزرة حلبجة ، ومناطق الأهوار في الجنوب، أو بالصواريخ الثقيلة والطائرات كما حدث في الانتفاضة الشعبانية سنة 1991م.

ولا ننسى أبداً ونحن نتحدث عن تنفيذ عقوبة الإعدام ما أظهرته وثيقة مسرّبة من وثائق حزب البعث البائد في إعدام عائلة آل طعمة من سكنة محافظة كربلاء بوساطة التيزاب المركّز ، إذ صُدِم ذوو عائلة السيد صادق محمد رضا آل طعمة وأولاده (ضياء ومرتضى وعلي) برؤية الوثيقة التي تورّخ لإعدام ذويهم وهم من عائلة هاشمية معروفة في كربلاء ، بعد أنَّ بحثوا عنهم كثيراً في سجون وسجلات الطاغية وأجهزته القمعية.

وكانت هذه الطريقة الصدامية الإجرامية الوحشية من أشنع وسائل الإعدام وأبشع طرق الموت ؛ وإن دلت هذه الطريقة الهمجية على شيء فإنما تدلُّ على حالات الحقد الطائفي والكراهية العنصرية والأمراض النفسية التي تعتري أنفس وصدور أبناء ولقطاء الفئة الهجينة والطغمة الصدامية التي كانت تستلذ في غرس مخالبها داخل أجساد العراقيين ، وقتلهم بدوافع طائفية تارة ، وعنصرية نفسية تارة أخرى.