ataba_head

قصّة وثيقة (19) الأهوار … مذكرة خاصة

قصّة وثيقة (19)

الأهوار … مذكرة خاصة

الأستاذ : عبد الهادي معتوق الحاتم

 

تهدف جريمة إبادة الجنس البشري Genocide إلى تصفية وقتل الجماعات البشرية بوسائل مختلفة وتعدّ هذه الجريمة من الاعمال الخطيرة التي تهدد سلامة المجتمع ؛لأنها تؤدي إلى إبادة المجموعات الإنسانية كلياً أو جزئياً بسبب طبيعتهم الوطنية أو العرقية أو الدينية , وهي ترتكب بصورة عمدية ولا تعدّ من الجرائم السياسية وانما من الجرائم العمدية العادية حتى وإن ارتكبت بباعث سياسي .

لقد مارس النظام المقبور هذه الجريمة بحق أبناء الشعب العراقي ، ومنها سياسة الاضطهاد الطائفي الذي تعرض له سكان الأهوار من أبناء عشائر جنوب العراق ووسطه من أتباع المذهب الشيعي ، ولعل أوضح دليل على ذلك مظاهر التمييز هو الإهانات والتحقير لهم من خلال سلسلة مقالات نشرت في صحيفة الثورة عقب الانتفاضة الشعبانية في آذار عام 1991 التي تضمنت تلك الأفكار عبارات الاإانة والتحقير التي شككت في عروبتهم وعراقيتهم وهو ما وفّر للنظام مناخاً لضرب مدن الجنوب وسكان الأهوار بصنوف الأسلحة والتدمير لإبادة الجنس البشري وانشاء ما يسمى بـ (النهر الثالث – نهر صدام) ، ولا شك ان هؤلاء السكان يعيشون في منطقة تعدّ من أقدم مناطق العالم في التاريخ ، إذ شهدت اولى الشرائع القديمة وهي الشرائع البابلية والسومرية وغيرها .

الوثيقة التالية عبارة عن مذكرة خاصة وسرية مرسلة من مدير أمن محافظة أربيل إلى مدير أمن شقلاوة. وهي تقارير عن الموقف الأمني للأهوار، والتي أصبحت تستخدم من قبل ” الهاربين والمخربين كقواعد لشن عمليات ارهابية حسب الأوامر السياسية المنظمة التي تردهم من ايران”. بعد رسم صورة الخطوط الرئيسة “للفعاليات الإرهابية” ” للتجمعات العدوانية” .

صدرت هذه المذكرة بتأريخ 30 كانون الثاني 1989 ، وهي مرقونة بالآلة الطابعة ، سري وشخصي ويفتح بالذات (أي من قبل مدير أمن شقلاوة) ، العدد / ش 5 / 1657 بتاريخ 30 / 1 / 1986 ، موجه الى (كافة مديريات أمن الأقسام) ثم تم شطب هذه العبارة وكتب باليد عوضا عنها: (السيد مدير أمن شقلاوة) . والموضوع (م/خطة العمل الأهوار) . ويقع في ثلاث صفحات خلاصتها :

يسطر التقرير الخطوات الواجب اتباعها ” لانهاء تواجد العدو” في الأهوار، وفقا لخطة العمل المقررة خلال المؤتمر المنعقد في البصرة في 5 كانون أول 1988 والذي حضره “سيادة القائد العام” وخطة العمل المتخذة للأهوار في 1987 والمقرة من قبل “السيد الرئيس القائد” (حفظه الله). ” الخطوات تشمل” :

عمليات أمنية فنية ضد العناصر الإرهابية في الأهوار، مثل دس السم، والتفجيرات وحرق المنازل لأصدقاء وأقارب المخربين في مناطق الأهوار كدرس للبقية”؛ واغتيال ” العناصر المعادية” والسيطرة على المرور؛ حرق وتهديم البيوت، استخدام الطائرات، والاستمرار في فرض الحصار الاقتصادي بصورة اكثر فعالية لتحديد تمويل حاجياتهم المعيشية اليومية، وذلك :بسحب كل وكالات تجهيز المواد الغذائية، ومنع بيع السمك، واتخاذ أقصى الإجراءات بحق من يمول الهاربين والخونة والعناصر المعادية بالغذاء ، ومنع انتقال الغذاء واستخدام العشائر. إلى آخر القائمة التي حوتها المذكرة ..