ataba_head

الزواج الكاثوليكي داعش _ حزب البعث

الزواج الكاثوليكي داعش _ حزب البعث

 محمد الخزاعي

باحث في المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرّف

 

يتحدثُ الكتّابُ على أنَّ الأثرَ المستمر للحقبة النازية في ألمانيا لا زال قائماً على الرّغم من مرور سبعة عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية  ، مما يعني أنَّ الوقت مبكرٌ من أجل الانفلات أو التخلّص من شبح صدام وحزبه البعثي ، فمقارنة بالدولة الألمانية الحديثة التي جرّمت وحرّمت كل من يتحدث بالنازية  ويشيد بها ومع قوة القانون الألماني وما زالت غير قادرة على إنهاء فكر النازية فهذا يعني أنّنا بحاجة الى عقود أكثر من أجل التخلص من آثار صدام وما تركه في الداخل العراقي من مآسي وغصّات.

فلم ينفكّ أن تخلصنا من النظام البعثي البائد بعملية قيصرية مؤلمة أنتجت احتلالاً مريراً ولّد لنا حركات تكفيرية وجماعات متطرفة ، كان البعثيون على رأس قيادتها ، وعمودها الفقري الذي يخطط و ينفذ ، وعلى الرغم من وجود عدة قوانين أسنّها النظام الديمقراطي الجديد في العراق! لاجتثاث البعث من مفاصل الدولة العراقية إلا أنّها قوانين نخرها الفساد والمحسوبية فنجا البعثيون وخسر العراقيون.

وكلُّ مراقب للشأن السياسي كان يُدرك أنَّ العراق سيدفع ثمناً باهضاً نتيجة التخاذل في اجتثاث البعثيين فكراً وعناصرَ ، وهذا ما حصل عندما سيطر تنظيم إرهابيّ متطرّف سمّي بـ”داعش” كان البعثيون يشكلون أكثر من نصف عدد أفراد مجلس الشورى فيه ، فسيطروا على مناطق من البلاد أثر هجوم  شنّه عناصر الحرس الجمهوري المنحل و بقايا ضباط مخابرات نظام صدام في العراق بغطاء تنظيم إرهابي داعشي ، وحواضن عشائرية.

وبذلك فأنَّ الإرهاب في العراق كلّه كان نتاج حزب البعث ونتاج مشاركة قادة الحرس الجمهوري وضباط المخابرات وفدائيي صدام ، مع دعم وهّابي ومخابراتي دولي، وما داعش إلا قناع وجهٍ للبعثيين بهدف إخفاء قوة الإرهاب البعثي في العراق ولدعمه بمجاميع انتحارية من عشرات الجنسيات وبهؤلاء الانتحاريين نفذ حزب البعث أفتكَ العمليات الإرهابية التي استهدفت الشيعة بشكل خاص في الوسط والجنوب.

وما كشفته مجلة “در شبيغل” الألمانية  من وثائقَ تظهر أن ضابط الاستخبارات السابق سمير عبد محمد الخليفاوي الذي كان يعمل عقيدا سابقا في مخابرات سلاح الجو العراقي في عهد صدام وضع استراتيجية تمدد التنظيم المعروف باسم “داعش”، مما يعني أنَّ العقل المخطط لتنفيذ مخططات هذا التنظيم التوسعية كان بعثياً.

هل تعلمنا من الدرس؟

هذه الوثائق وغيرها تشير إلى تغلغل حزب البعث البائد فكراً وكوادر في أجهزة الدولة العراقية ، فلولا وجودهم في مراكز القرار أو ما دون لما سقطت المدن ، وذُبِحت الضحايا بالآلاف على مقصلة  التكفير , ولكن بعد ما مر من إبادات وجرائم وحروب نتيجة الخطأ المُرتكب في عدم انتشال الورم البعثي من مفاصل الدولة العراقية هل تعلمنا الدرس؟

أقول أنَّ البعث ما زال متغلغلاً في كثير من مؤسسات الدولة فضلاً عن المؤسسات الإعلامية الخاصة داخل العراق وخارجه التي تعمل على غسل العقول وصقلها عبر تلميع صورة الحكم البعثي الذي كان يُعدمُ المرءُ فيه للإصدار صوت فقط عند ظهور رأس النظام البعثي في التلفاز! ونحن بحاجة لعملية اجتثاث تسير بشكل متوازٍ مع عملية كشف الوثائق البعثية وإظهارها للرأي العام ليُدرك العراقيون ، والمغرر بهم حجم الإجرام البعثي والقبضة البوليسية الإجرامية التي كان يمارسها حزب البعث على العراقيين.