ataba_head

قصّة وثيقة (18) الأنفال في وثائق البعث- منع الزيت

قصّة وثيقة (18)

الأنفال في وثائق البعث- منع الزيت

الباحثُ عبد الهادي معتوق الحاتم

 

 

تعدُّ هذه الوثيقة من الوثائق السرّية كما يبدو من عنوانها” برقية سرية فورية ” ، مرقونة على صفحة بيضاء ، وموجهة من شعبة السرية الثالثة في مديرية أمن أربيل إلى كافة مديريات أمن الأقسام بتاريخ 7/7/1988 ، أما رقمها التسلسلي فهو 10644 وعند استلامها من قبل جهاز الأمن في قضاء “شقلاوة ” التابع لمحافظة أربيل بتاريخ 9/7/1988 يكتب المسؤول الأمني في الجهاز المذكور في أسفل الصفحة كلمة ” يُعَمَم ” ويضعها تحت رقم تسلسلي آخر وهو 1908 دون ذكر اسمه ومسؤوليته في الدائرة الأمنية .

تحتوي هذه الوثيقة التي وجهها مدير أمن محافظة أربيل إلى كافة الأقسام والمعاونيات التابعة له على معلومات حول فقدان زيت البريك للسيارات ” دهن البريك ” كما هو متداول في العراق في السوق ، وارتفاع سعره من 30 دينار إلى 120 دينار للكارتون الواحد .

وتشيرُ المعلومات الواردة في الوثيقة كما علمت مديرية الأمن ذاتها بأن ” دهن البريك ” يتم تهريبه إلى القرى المحذورة أمنياً ، ذلك أن المادة المذكورة تستعمل أثناء القصف الكيمياوي وتقي الجسم بعد الإصابة بالمادة الكيمياوية ، وينهي مدير الأمن برقيته بالمطالبة بــ ” تدقيق المعلومات وإعلامنا بالسرعة الممكنة ” .

علماً أن التجربة القاسية التي عاشتها القرى الكردية وقوات البيشمركة تحت تأثير الأسلحة الكيمياوية اقتضت اللجوء إلى الخبرة الذاتية لمعالجة المصابين بالمواد الكيمياوية ، ويدخل إستخدام زيت ” البريك ” أو ” الفران ” للسيارات ضمن الخبرة ذاتها .

تندرج هذه الوثيقة ضمن تلك الوثائق التي تعود للفترة التاريخية ذاتها وهي فترة الأنفال تحديداً ، إذ اتسمت عمليات القتل والتهجير والحصار الإقتصادي وتدمير القرى فيها بطابعها القصوى .

يستنتج من هذه الوثيقة نوع آخر من تلك الإجراءات الأمنية والعسكرية التي رافقت عمليات الأنفال عام 1988 حيث التجأت السلطات العراقية حينئذ إلى ممارسة جميع الوسائل المتاحة وغير المتاحة لوضع الخناق على قرى كردستان ، وهو مراقبة أي حلول أو معالجات مستقاة من الخبرة اليومية لمعالجة آثار الأسلحة الكيمياوية ، وهي دليل دامغ في ذات الوقت يثبت استخدام الحكومة العراقية للأسلحة الكيمياوية ضد الشعب الكردي من خلال وثائق أجهزة الحكومة ذاتها .