قصّة وثيقة (17)
محضر تحقيق
الأستاذ عبد الهادي معتوق الحاتم
تجسّد هذه الوثيقة أدناه، نموذج واضح من حالات الإخفاء والقتل والإنتظار واللغة الإجرائية التي طالما أصبحت تراثاً ضخماً لحكم صدام في العراق . تتكون الوثيقة من صفحة واحدة ومكتوبة بخط اليد ، وهي لا تحمل أية إشارة رسمية بإستثناء عنوانها وهو (محضر تحقيق) وتوقيع (القائم بالاستنطاق) مع بصمة حبر ابهام (المشتبه به) .
تعدّ هذه الوثيقة حلقة من سلسلة وثائق تتعلق بمأسآة المواطنين الكُرد أبان انتفاضة آذار 1991 (الانتفاضة الشعبانية) ، ومضمونها يتحدّث عن مصير راعي اغنام اُلقي القبض عليه في أثناء دخوله في منطقة محظورة على المدنيين ..
الوثيقة ادناه كانت ضمن ملف أصفر ممزّقً من مجموعة ملفات شقلاوة التي استولى عليها الكُرد خلال انتفاضة آذار. ويبدأ الملف بحسب “غالبريث “باستنطاق أربعة رعاة عُثر عليهم في المنطقة المحظورة. كانت الأسئلة متشابهة، وجاء استنطاق سليمان علي تايه (16 عاماً) على النحو الآتي:
س1: كيف تم إلقاء القبض عليك وأين؟
ج: كنت أرعى الغنم في قرية قاضي خانة المدمّرة فتم إلقاء القبض عليّ من قبل العسكريين.
س2: ما علاقتك بالأشخاص بهاء الدين علي وسوار مجيد ورشاد عبد الله؟
ج: لا علاقة لي بهم وإنما نسكن في نفس القرية.
س3: هل يتواجد مخربون في منطقتكم ومن هم؟
ج: لا يوجد أي مخرب ولا أعرف أحداً [كذا] منهم.
س4: هل تعلم أن الذهاب إلى المناطق المحذورة أمنياً يحاسب عليه القانون؟
ج: نعلم بأنها ممنوعة ولكن ليس لدينا أي غاية سوى رعي الغنم”.
يتابع غالبريث الوصف “على الجانب الأيمن من ورقة الاستنطاق المكوّنة من صفحة واحدة، يوجد توقيع القائم بالاستنطاق، وعلى اليسار توجد بصمة بالحبر،ولما كان الرعاة الأربعة أميّون، فقد وقّعوا جميعاً نماذج استنطاقهم/ اعترافاتهم بهذه الطريقة.
بعد الاعترافات، يحتوي الملف على رسالة موجّهة إلى الجهة الأمنية المكلّفة بتنفيذ التعليمات الواردة في الفقرة الخامسة من البرقية المعمّمة على حزب البعث في الشمال. يلي ذلك إيصال يقرّ باحتجاز أربعة سجناء، وتطبيق أحكام الفقرة الخامسة عليهم، ثم بعد ذلك بقليل، يحتوي الملف الأصفر أربع شهادات وفاة خضراء، صادرة عن المستشفى المحلي بتاريخ 1 آذار/ مارس 1988، نصّت شهادات سليمان علي تايه والرعاة الآخرين، على أن سبب الوفاة هو الإعدام”!!