ataba_head

شركاء الإبادة داعــــــش والـــبعــــث

شركاء الإبادة

داعــــــش والـــبعــــث

الأستاذ المساعد الدكتور

رائد عبيس

عضو المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف

 

 

ما الذي دفع داعش والبعث للاشتراك في ارتكاب مجزرة, وجريمة, وإبادة جنود قاعدة القوة الجوية “سبايكر” ؟

لا يمكن الاجابة عن هذا السؤال بعبارة مختصرة, ونقول “جمعتهم المصالح” , ولا يكفي أن نربط جذور بعض قيادات البعث بأصولياتهم الدينية. قد تشكلت عدة عوامل في قرار تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية بحق جنود قاعدة سبايكر , بين داعش والبعث , كقرار شراكة استراتيجي لكلا الطرفين , كون عدوهم العاقدين فيه نية تلك الجريمة , يمثل الغالبية منهم من الطائفة “الشيعية ” المُكفّرة, والعدوة , والخطر – الذي يحول دون تنفيذ أجنداتهم السياسية- سواء مع داعش الذي يؤسس لدولته, أو البعث الذي يحلم بالعودة, ويسعى إلى عرقلة وجود كل حكومة بعد حكومته ونظامه.

تشابكت أبعاد الإبادة واستقرَّ قرارُها, بعد تفكير طويل للبعث, وعائلة نظامه, وفلوله, وتشكيلاته, على توجيه ضربة قاضية, وموجعة للحكام الشيعة, وشعبهم , ثأراً لرئيس النظام المقبور الذي أُعدم بقرار قضائي عراقي ,هذا من جهة , ومن جهة أخرى محاولة إحداث حرب طائفية بين أطياف الشعب العراقي جميعها, ومن جهة أخرى محاولة إثارة السخط الشعبي على الحكام الشيعة بعد ارتكابهم أخطاء في إدارة الحكم, والسيطرة على البيئة الملتهبة طائفياً, وإرهابياً, وتطرفاً , في الموصل ,وصلاح الدين, والأنبار, وديالى.

فضلاً عن مساعي صنع الفوضى لاستثمارها في تصفية الحسابات, وإدارة النهب, واحتكار الثروات, ورهن اقتصاد الدولة بيد جماعاتهم المتطرفة, كما حدث في العراق وسوريا عند احتلال داعش.

وكذلك استغلال حالة السخط الشعبي, والعشائري, والشحن السياسي العدائي ضد ما يسمى عندهم “حكم الشيعة” . كما أن ذلك لا يخلو من أجندات خارجية ,ارتبط بعضها بفكرة الخلافة , وبعضها في خراب العراق, وبعضها الآخر في صناعة الفوضى, وبعد آخر في إسقاط النظام السياسي برمته وجعل العراق حالة من “اللا دولة” , إلا أن الأجندات الخارجية تقاطعت مع خارطة داعش التوسعية التي شملت حتى المصالح الأمريكية التي دعمتهم بالمال, والسلاح, والخطط, والدعم وأن كان على مستوى التأييد, والتفرج على أفعال داعش؛ لأن أمريكا تميل باستراتيجيتها إلى التحالف مع القوي ضد خصوم لها في المنطقة تحاول بهم تضييق الخناق على من تشاء. لم يكن جزءا من ذلك الدعم فيه شيء لحزب البعث, ولكن داعش سخرت البعث, وأفكار قياداته, وخبراتهم العسكرية , في تحقيق جزء من أهدافها والانقلاب عليها. قد يقول قائل: داعش تقاتل في سوريا ضد نظام البعث وتتحالف معه في العراق ! نعم, كان هذا وأصبح؛ لأن قرار تحقيق ضربة استراتيجية قد تكاملت باختيار جنود سبايكر وقاعدتها والتخطيط لها بين (داعش, والبعث, والعشائر المتحالفة معهما),انتهت بتحقيق ذلك المخطط “الإبادة ” وقتل فيها أبناؤنا شر قتلة بفعل غادر, وجبان, ومُتخاذل, وخيانة للمسؤولية, والضمير, والوطنية ,والدين!

عندما نقول تشابكت الأبعاد الواقعية لهذه “الإبادة” نعني أن هناك “قتلا طوعيا” حدث لهؤلاء الجنود “جنود سبايكر” قربة إلى الله ! وفزعة مع أبناء العمومة عليهم ! وشهوة قتل جامحة بحقهم ! وتخطيط لفعل إبادتهم وبالمتاح من فرص القتل فيها ! وتحشيم حتى الأطفال والنساء على رجمهم وقتلهم, وإرعابهم, وتغييب من غيب منهم إلى اليوم ! أفعال التوحش التي ارتكبت بحقهم , كانت قبل الإدارة الكاملة للتوحش عند داعش ! , وهذا يعني أن إرادة التوحش ونوازعه مستوطنة في المخيال الشعبي دينياً, وسياسياً, واجتماعياً دفع إلى تأجيج هذه النوازع قيادات من حزب البعث, بدوافع انتقامية معلنة , بمساعدة الحواضن المترحمة على حزب البعث والمرحّبة بمجيئ داعش. كانت بهذا “سبايكر” كفعل إبادة أكبر حجماً, وأشد قبحاً, مع قبائح وجرائم أخرى أُرتكبت بنفس الدوافع يتحقق بها توصيف “إبادة”.